الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 60 ] باب طلاق المريض ( قال رضي الله عنه ) وإنما تنبني مسائل هذا الباب على من طلق امرأته ثلاثا في مرضه ، ثم مات وهي في العدة فإنها ترث بحكم الفرار ، وقد تقدم بيان هذه المسائل في كتاب الطلاق والذي زاد هنا أن الفرقة متى وقعت بسبب باشره ابن المريض بأن قبلها بشهوة أو جامعها وهي مكرهة ، ثم مات المريض وهي في العدة فإنها ترثه ; لأنه إذا وقعت الفرقة بإيقاع الطلاق جعلنا النكاح كالقائم بينهما في حكم الميراث باعتبار أن الزوج قصد إبطال حقها عن ميراثه فرد عليه قصده ويكون لها الميراث إذا مات الزوج قبل انقضاء العدة فإن مات بعد انقضاء العدة أو كان ذلك قبل الدخول فلا ميراث لها بمنزلة ما لو كان الزوج هو الذي طلقها ولو كان للأب امرأة أخرى والمسألة بحالها لم ترث هذه المبانة شيئا ; لأنه لا يتحقق هنا قصد من جهة الابن فإن ميراث النساء يستوي في استحقاقه المرأة الواحدة والثنتان فيبقى جميع ذلك مستحقا عليه للمرأة الأخرى ، وإن اكتسب سبب الفرقة بين الأب وبين هذه فإذا انتفت التهمة لم تجعل العدة قائمة مقام النكاح في بقاء ميراثها كما لو كان فعل ذلك في صحة الأب ، وإن كان من المرأتين جميعا عن شهوة معا بغير رضاهما فلهما الميراث إذا مات الأب قبل انقضاء عدتها ; لأن تهمة القصد هنا موجودة ولو وطئ إحداهما ، ثم الأخرى مكرهتين فلا ميراث للأولى وللثانية الميراث ; لأن القصد منه إلى إبطال ميراث النساء غير موجود حين وطئ الأولى ، وهو موجود وحين وطئ الثانية ولو وطئها ابن ابنه وهي مكرهة حين وقعت الفرقة بينهما فإن كان ابنه حيا فلا ميراث للمرأة ; لأن ابن الابن ليس بوارث الجد في هذه الحالة فلا تتحقق منه تهمة القصد ، وإن كان أبوه ميتا ، وكان ابن الابن وارثا فحينئذ لها الميراث لوجود تهمة القصد .

وكذلك لو كان الابن فعل ذلك ، وهو غير وارث بأن كان كافرا أو رقيقا لم يكن لها الميراث ; لأن تهمة القصد هنا لم تتحقق فإن كان وطئها ، وهو غير وارث ، ثم صار وارثا بالسبب الذي كان قائما وقت الوطء بأن كان رقيقا فعتق أو كافرا فأسلم أو فعله ابن الابن والابن حي ، ثم مات الابن فإنها ترثه ; لأن تهمة القصد باعتبار كون المكتسب لسبب الفرقة وارثا ، والميراث إنما يثبت عند الموت فيعتبر حالة الموت ، وإن كان الابن فعل ذلك ، وهو مجنون أو صبي لم يكن لها الميراث ; لأن حكم الفرار باعتبارها تهمة القصد وذلك يبني على قصد معتبر شرعا وليس للصبي والمجنون قصد [ ص: 61 ] معتبر شرعا فلا يثبت حكم الفرار بفعلهما كما لا يثبت حكم حرمان الميراث بقتل باشره الصبي والمجنون ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية