الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1297 ) فصل : وتجب الجمعة والسعي إليها ، سواء كان من يقيمها سنيا ، أو مبتدعا ، أو عدلا ، أو فاسقا . نص عليه أحمد ، وروي عن العباس بن عبد العظيم ، أنه سأل أبا عبد الله ، عن الصلاة خلفهم - يعني المعتزلة - يوم الجمعة ، قال : أما الجمعة فينبغي شهودها ، فإن كان الذي يصلي منهم ، أعاد ، وإن كان لا يدري أنه منهم ، فلا يعيد .

                                                                                                                                            قلت : فإن كان يقال : إنه قد قال بقولهم قال : حتى يستيقن . ولا أعلم في هذا بين أهل العلم خلافا ، والأصل في هذا عموم قول [ ص: 74 ] الله تعالى : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } وقول النبي : صلى الله عليه وسلم { فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر ، استخفافا بها ، أو جحودا بها ، فلا جمع الله له شمله } . وإجماع الصحابة ، رضي الله عنهم ، فإن عبد الله بن عمر وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشهدونها مع الحجاج ونظرائه ، ولم يسمع من أحد منهم التخلف عنها .

                                                                                                                                            وقال عبد الله بن أبي الهذيل : تذاكرنا الجمعة أيام المختار ، فأجمع رأيهم على أن يأتوه ، فإنما عليه كذبه . ولأن الجمعة من أعلام الدين الظاهرة ، ويتولاها الأئمة ومن ولوه ، فتركها خلف من هذه صفته يؤدي إلى سقوطها .

                                                                                                                                            وجاء رجل إلى محمد بن النضر الحارثي ، فقال : إن لي جيرانا من أهل الأهواء ، فكنت أعيبهم وأنقصهم ، فجاءوني فقالوا : ما تخرج تذكرنا ؟ قال : وأي شيء يقولون ؟ قال : أول ما أقول لك ، أنهم لا يرون الجمعة . قال : حسبك ، ما قولك في من رد على أبي بكر وعمر ، رحمهما الله ؟ قال : قلت رجل سوء . قال : فما قولك في من رد على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قلت كافر . ثم مكث ساعة ، ثم قال : ما قولك في من رد على العلي الأعلى ؟ ثم غشي عليه ، فمكث ساعة ، ثم قال : ردوا عليه والله ، قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } قالها والله ، وهو يعلم أن بني العباس يسألونها .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا فإنها لا تعاد خلف من يعاد خلفه بقية الصلوات .

                                                                                                                                            وحكي عن أبي عبد الله رواية أخرى ، أنها لا تعاد . وقد ذكرنا ذلك فيما مضى . والظاهر من حال الصحابة ، رحمة الله عليهم ، أنهم لم يكونوا يعيدونها ، فإنه لم ينقل عنهم ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية