الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ فتاوى في الديات ] { وقضى صلى الله عليه وسلم في الأنف إذا أوعب جدعا بالدية ، وإذا جدعت أرنبته بنصف الدية } .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم في العين بنصف الدية خمسين من الإبل ، أو عدلها ذهبا أو ورقا ، أو مائة بقرة ، أو ألف شاة ، وفي الرجل نصف العقل ، وفي اليد نصف العقل ; والمأمومة ثلث العقل ، والمنقلة خمس عشرة من الإبل ، والموضحة خمس من الإبل ، والأسنان خمس خمس } ، ذكره أحمد .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم أن الأسنان سواء : الثنية والضرس سواء } ، ذكره أبو داود .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم في دية أصابع اليدين والرجلين بعشر عشر } ، صححه الترمذي .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث الدية ، وفي اليد الشلاء إذا قطعت ثلث ديتها } ، ذكره أبو داود .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم في اللسان بالدية ، وفي الشفتين بالدية ، وفي البيضتين بالدية ، وفي الذكر بالدية ، وفي الصلب بالدية ، وفي العينين بالدية ، وفي الرجل الواحدة نصف الدية ، وأن الرجل يقتل بالمرأة } ، ذكره النسائي .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم أن من قتل خطأ فديته مائة من الإبل : ثلاثون بنت مخاض ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وعشرة ابن لبون } ، ذكره النسائي .

وعند أبي داود { : عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن مخاض ذكر } .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم أن من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاءوا قتلوا ، وإن شاءوا أخذوا الدية ، وهي ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، وما صولحوا عليه فهو لهم } ، ذكره الترمذي وحسنه .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم على أهل الإبل بمائة من الإبل ، وعلى أهل البقر بمائتي بقرة ، وعلى أهل الشاة ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة } ، ذكره أبو داود .

[ ص: 277 ] { وقضى صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها } ، ذكره مسلم .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم أن عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين } ، ذكره النسائي .

وعند الترمذي { : عقل الكافر نصف عقل المؤمن } ، حديث [ حسن ] يصحح مثله أكثر أهل الحديث .

وعند أبي داود { : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار ، وثمانية آلاف درهم ، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلم ، فلما كان عمر رفع دية المسلمين وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية } .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة ضربتها أخرى بغرة عبد أو أمة ، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت ، فقضى صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنيها وزوجها ، وأن العقل على عصبتها } ، متفق عليه .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم في امرأتين قتلت إحداهما الأخرى ولكل منهما زوج بالدية على عاقلة القاتلة ، وميراثها لزوجها وولدها ، فقال عاقلة المقتولة : ميراثها لنا يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، ميراثها لزوجها وولدها } ذكره أبو داود .

{ وجاءه صلى الله عليه وسلم عبد صارخ فقال : ما لك ؟ قال : سيدي رآني أقبل جارية له ، فجب مذاكيري ، فقال : علي بالرجل فطلب فلم يقدر عليه فقال : اذهب فأنت حر قال : على من نصرني يا رسول الله ؟ قال على كل مؤمن ، أو مسلم } ذكره ابن ماجه .

{ وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبطال دية العاض لما انتزع المعضوض يده من فيه فأسقط ثنيته } ، متفق عليه .

{ وقضى صلى الله عليه وسلم بأن من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فخذفوه ففقئوا عينه بأنه لا جناح عليهم } ، متفق عليه .

وعند مسلم : { فقد حل لهم أن يفقئوا عينه } .

وعند الإمام أحمد في هذا الحديث { فلا دية له ولا قصاص } . { وقضى صلى الله عليه وسلم أنه لا دية في المأمومة ولا الجائفة ولا المنقلة } ، ذكره ابن ماجه .

{ وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل يقود آخر بنسعة ، فقال : هذا قتل أخي ، فقال : كيف قتلته ؟ قال : [ ص: 278 ] كنت أنا ، وهو نختبط من شجرة ، فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه ، فقتلته ، فقال : هل لك من شيء تؤديه عن نفسك ؟ قال : ما لي إلا كسائي وفأسي ، قال : فترى قومك يشترونك ؟ قال : أنا أهون على قومي من ذلك ، فقال دونك صاحبك ، فانطلق به ، فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قتله فهو مثله فرجع فقال : يا رسول الله بلغني أنك قلت إن قتله فهو مثله ، وأخذته بأمرك ، فقال أما تريد أن يبوء بإثمك وإثم صاحبك ؟ قال : يا نبي الله بلى ، فرمى بنسعته ، وخلى سبيله } ذكره مسلم .

وقد أشكل هذا الحديث على من لم يحط بمعناه ، ولا إشكال فيه ; فإن قوله صلى الله عليه وسلم : " إن قتله فهو مثله " لم يرد به أنه مثله في الإثم ، وإنما عنى به أنه إن قتله لم يبق عليه إثم القتل ; لأنه قد استوفى منه في الدنيا ، فيستوي هو والولي في عدم الإثم ، أما الولي فإنه قتله بحق ، وأما هو فلكونه قد اقتص منه ، وأما قوله : " تبوء بإثمك وإثم صاحبك " فإثم الولي مظلمته بقتل أخيه ، وإثم المقتول إراقة دمه ، وليس المراد أنه يحمل خطاياك وخطايا أخيك ، والله أعلم .

وهذه غير قصة الذي دفع إليه وقد قتل ، فقال : والله ما أردت قتله ، فقال : { أما إنه إن كان صادقا فقتلته دخلت النار } فخلاه الرجل ، صححه الترمذي ، وإن كانت هي القصة فتكون هذه علة كونه إن قتله فهو مثله في المأثم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية