الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثانية عشرة : ينقسم التواتر باعتبارات . أحدها : إلى ما يتواتر عند الكافة ، وإلى ما يتواتر عند أهل الصناعة ، كمسألة عدم قتل المسلم بالذمي ، فإنها متواترة عند الشافعية دون الحنفية ، والأول منكره معاند كافر كمنكر القرآن ، بخلاف السنة . إذ جاز أن يختص بذلك أهل الحديث دون غيرهم . فإن قيل : فما قولك في البسملة إذا ادعيتم التواتر بكونها من الفاتحة ، وخالفكم فيه الأئمة ؟ قلنا : لم يقع النزاع في كونها آية من كتاب الله ; ليكون جاحدها كافرا ، وإنما وقع النزاع في تعدد الموضع واتحاده بعد الاتفاق على تواتر أصلها من القرآن ، قاله أبو العز المقترح : وهو أحسن من جواب ابن الحاجب بقوة الشبهة . ثانيها : التواتر قد يكون لفظيا وقد يكون معنويا ، وهو أن يجتمع من سبق ذكرهم على أخبار ترجع إلى خبر واحد ، كشجاعة علي رضي الله عنه ، وجود حاتم .

                                                      قالوا : ومعجزات النبي تثبت بهذا النوع ، وهو دون التواتر اللفظي ; لأجل الاختلاف في طريق النقل . قال أبو نصر بن الصباغ في كتاب الطريق السالم " : ولا يجوز أن يكون جميع المنقول بالتواتر المعنوي متقولا ، ألا ترى أن من قال : إن الآحاد [ ص: 117 ] كلها المروية عنه عليه السلام غير صحيحة ، حكمت العقول بكذبه ، ونطقت أنه لا يجوز أن يتفق بهذه الأخبار كلها متقولة ، وإن جاز أن يكون فيها شيء من ذلك . وقال الشيخ أبو إسحاق : ولا يكاد يقع الاحتجاج به إلا في شيء من الأصول ومسائل قليلة في الفروع ، كغسل الرجلين مع الروافض ، والمسح على الخفين مع الخوارج ، ونازع بعضهم في التمثيل بشجاعة علي ; لأن أفعاله في الجمل وصفين بأن نقله عدد التواتر عند المحققين المحصلين ، فشجاعته متواترة لفظا ومعنى .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية