الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
670 702 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16834قيسا قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=91أبو مسعود ، nindex.php?page=hadith&LINKID=650661أن رجلا قال : والله يا رسول الله ، إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا ، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا منه يومئذ ، ثم قال : ( nindex.php?page=treesubj&link=27243_28632_28642_18761_1676_32816إن منكم منفرين ، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز ؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ) .
في هذا الحديث : أن الإمام مأمور بالتخفيف خشية الإطالة على من خلفه ؛ فإنه لا يخلو بعضهم من عذر كالضعيف والكبير وذي الحاجة .
وهذا يدل على أن الأمر بالتخفيف إنما يتوجه إلى إمام يصلي في مسجد يغشاه الناس .
قال حنبل بن إسحاق : قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله - يعني : أحمد - : إذا كان المسجد على قارعة الطريق أو طريق يسلك فالتخفيف أعجب إلي ، فإن كان مسجدا يعتزل أهله ويرضون بذلك فلا بأس ، وأرجو إن شاء الله .
وقالت طائفة : على الإمام أن يخفف بكل حال .
ورجحه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، قال : لأنه وإن علم قوة من خلفه ، فإنه لا يدري ما يحدث بهم من آفات بني آدم ، وذكر أن تطويل الإمام غير جائز ، وأنه يلزمه التخفيف .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 208 ] في صلاته ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=650777 ( وكان قيامه وركوعه وسجوده وقعوده بين السجدتين قريبا من السواء ) : ما تفسير ذلك ؟ فقال : أحب إلي أن يخفف ، ولا يشق على من خلفه ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف أحاديث .
قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا : قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل ذلك في نفسه إذا كان مصليا ، وقد أمر أئمته بالتخفيف ، فيتوجه الحديثان على معنيين .
كذا قال ، وفيه نظر ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف ويوجز ويتم الصلاة ، فلم يكن يفعل خلاف ما أمر به الأئمة .
وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الذي خرجه هاهنا ما يدل على ما بوب عليه من تخفيف القيام وإتمام الركوع والسجود ، وقد خرج فيما بعد حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجز ويتم .
وقد رويت أحاديث في التخفيف مع إتمام الركوع والسجود ، وهي مطابقة لترجمة هذا الباب ، لكن ليست على شرط هذا ( الكتاب ) .
فخرج الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=701800غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم أصل خلف إمام كان أوجز منه صلاة في تمام الركوع والسجود .
ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم ، قال : من أمنا فليتم الركوع والسجود ؛ فإن فينا الضعيف والكبير والمريض والعابر السبيل وذا الحاجة ، هكذا كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 209 ] وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، ولفظه : أن nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم خرج إلى مجلسهم ، فأقيمت الصلاة فتقدم إمامهم ، فأطال الصلاة والجلوس ، فلما انصرف قال : من أمنا منكم فليتم الركوع والسجود ؛ فإن خلفه الصغير والكبير والمريض وابن السبيل وذا الحاجة ، فلما حضرت الصلاة تقدم عدي فأتم الركوع والسجود ، وتجوز في الصلاة ، فلما انصرف قال : هكذا كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وغيره من حديث نافع بن خالد الخزاعي ، حدثني أبي - وكان من أصحاب الشجرة - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى والناس ينظرون صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود .
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس فإنه يخفف عنهم ، وإذا صلى لنفسه يطول .
وفي ( مسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) عن nindex.php?page=showalam&ids=397أبي واقد الليثي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=701739كان النبي صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة بالناس ، وأطول الناس صلاة لنفسه .
فالصلاة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بالناس هي التخفيف الذي أمر به غيره ، وإنما أنكر على من طول تطويلا زائدا على ذلك ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة العشاء ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخرها كثيرا ، كما سبق ذكره في ( المواقيت ) ، ثم ينطلق إلى قومه في بني سلمة فيصلي بهم ، وقد استفتح حينئذ بسورة البقرة ، فهذا هو الذي أنكره على nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ .
ويشهد لهذا : حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=685410كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف ، وإن كان ليؤمنا بالصافات .
خرجه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في ( صحيحه ) .
[ ص: 210 ] والمراد : أن التخفيف المأمور به هو ما كان يفعله ، ومن كان يفهم أنه كان يفعل خلاف ما أمر به - كما أشعر به تبويب nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي - فقد وهم .
وفي ( صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ) عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك ، قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=657707كان يخفف الصلاة ولا يصلي صلاة هؤلاء ، قال : وأنبأني nindex.php?page=hadith&LINKID=657706أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ب : nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن المجيد ونحوها من السور .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، ولفظه : nindex.php?page=hadith&LINKID=64038كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي نحوا من صلاتكم ، ولكنه كان يخفف الصلاة ، كان يقرأ في الفجر بالواقعة ونحوها من السور .
فصرح بأن تخفيفه هو قراءته بهذه السورة .
وروى عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=913527كان أبي ترك الصلاة معنا ، قال : إنكم تخففون .
قلت : فأين قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن فيكم الكبير والضعيف وذا الحاجة ؟ ) فقال : قد سمعت nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود يقول ذلك ، ثم صلى ثلاثة أضعاف ما تصلون .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في ( صحيحه ) nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ، عن الحكم ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، أنه كان يتخلف عن الصلاة ، فقيل له ، فقال : إنكم تخففون ، فقيل : أليس قد كان يؤمر بذلك ؟ قال : إن الذي كان عليهم خفيفا عليكم ثقيل .
واعلم ؛ أن التخفيف أمر نسبي ، فقد تكون الصلاة خفيفة بالنسبة إلى ما هو أخف منها ، فالتخفيف المأمور به الأئمة هو الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله إذا أم ، فالنقص منه ليس بتخفيف مشروع ، والزيادة عليه إن كان مما فعله الخلفاء الراشدون كتطويل القراءة في صلاة الصبح ، على ما كان يفعله - أحيانا - أبو بكر [ ص: 211 ] nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر فليس بمكروه ، نص عليه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره ، وسيأتي ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ( الأم ) : أحب أن يبدأ الراكع فيقول : سبحان ربي العظيم - ثلاثا - ، ويقول كل ما حكيت عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله - يعني : حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي - قال : وكل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ركوع أو سجود أحببت أن لا يقصر عنه ، إماما كان أو منفردا ، وهو تخفيف لا تثقيل . انتهى كلامه .
فقد كان حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من تخفيف الصلاة من الأئمة تخفيفا ، وقد حكي ذلك عن أهل الكوفة ، وحدث من nindex.php?page=treesubj&link=1551يطيل الصلاة على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إطالة زائدة ، وكان ذلك في أهل الشام وأهل المدينة - أيضا - ، وكان السلف ينكرون على الطائفتين ، وقد ذكرنا إنكار يزيد التيمي - وكان من أعيان التابعين - على من خفف الصلاة من أئمة الكوفة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وغيره ينكرون على من أطال الصلاة إطالة زائدة على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .
ففي ( مسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) عن عطية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=686423سجدة من سجود هؤلاء مثل ثلاث سجدات من سجود النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن حيان البارقي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=685646قيل nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : إن إماما يطيل الصلاة .
فقال : ركعتين من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف - أو مثل ركعة - من صلاة هذا .
[ ص: 212 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم في ( كتاب السنة ) من رواية سالم بن حذلم ، قال : رآني nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أصلي ، فلما انصرفت قال لي : ممن أنت ؟ قلت : من أهل الشام ، قال : إنكم أهل الشام تصلون الصلاة وتكثرون من الدعاء ، وإني لم أصل خلف أحد أخف صلاة في تمام من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي ( المسند ) عن nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبيه ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=99399رأيت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة صلى صلاة تجوز فيها ، فقلت له : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ؟ قال : نعم ، وأوجز .
وفي رواية : ( أو أوجز ) .
وفي رواية - أيضا - : قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=688920وكان قيامه قدر ما ينزل المؤذن من المنارة ويصل إلى الصف .
وفي بعض الروايات لهذا الحديث : أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة كان يؤم الناس بالمدينة فيخفف .
وفي ( المسند ) - أيضا - : عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=692994لقد كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لو صلاها أحدكم اليوم لعبتموها عليه ، فقال له رجل : ألا تذكر ذلك لأميرنا - والأمير يومئذ nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز - ؟ فقال : قد فعلت .
وفي رواية في غير ( المسند ) بعد قوله : ( لعبتموها عليه ) : ( يعني : في التخفيف ) .
[ ص: 213 ] وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، قال : -أيها الناس- ، لا تبغضوا الله إلى عباده ، فقال قائل منهم : وكيف ذلك ؟ قال : يكون الرجل إماما للناس ، يصلي بهم ، فلا يزال يطول عليهم حتى يبغض إليهم ما هم فيه .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر .