الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        47 [ ص: 131 ] ( 4 ) باب ما لا يجب منه الوضوء .

                                                                                                                        47 - مالك ، عن محمد بن عمارة ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ؛ أنها سألت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني امرأة أطيل ذيلي ، وأمشي في المكان القذر . قالت أم سلمة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يطهره ما بعده " .

                                                                                                                        [ ص: 132 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 132 ] 1704 - القول في طول الذيل للمرأة وأن ذلك من سنتها - يأتي عند قوله - عليه السلام - : " ترخيه شبرا ولا تزيد على الذراع " في كتاب " الجامع " في حديث مالك ، عن أبي بكر بن نافع إن شاء الله .

                                                                                                                        1705 - اختلف الفقهاء في طهارة الذيل للمرأة ، وأن ذلك سنتها على المعنى المذكور في هذا الحديث .

                                                                                                                        1706 - فقال مالك : معناه في القشب اليابس والقذر الجاف الذي لا يتعلق منه بالثوب شيء ، فإذا كان هكذا كان ما بعده من المواضع الطاهرة تطهيرا للثوب .

                                                                                                                        1707 - وهذا عنده ليس تطهيرا للنجاسة ؛ لأن النجاسة عنده لا يطهرها إلا الماء ، وإنما هو تنظيف .

                                                                                                                        1708 - وهو قول الشافعي ، وزفر ، وأحمد بن حنبل ، كل هؤلاء لا يطهر النجاسة عندهم إلا الغسل بالماء .

                                                                                                                        1709 - وقال الأثرم : سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن حديث أم سلمة : " يطهره ما بعده " ، فقال : ليس هذا عندي على أنه أصابه بول فمر بعده على الأرض فطهره ، ولكنه يمر بالمكان يتقذره فيمر بمكان أطيب منه فيطهره .

                                                                                                                        1710 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : كل ما أزال عين النجاسة فقد طهرها ، والماء وغيره في ذلك سواء .

                                                                                                                        1711 - قالوا : ولو زالت بالشمس أو بغيرها حتى لا تدرك معها ، ولا يرى ولا يعلم موضعها فذلك تطهير لها .

                                                                                                                        [ ص: 133 ] 1712 - وهو قول داود ، وقد كان يلزم داود أن يقوده أصله ، فيقول : إن النجاسة المجتمع عليها لا تزول إلا بإجماع على زوالها ، ولا إجماع إلا مع القائلين بأنها لا يزيلها إلا الماء الذي خصه الله بأن جعله طهورا .

                                                                                                                        1713 - وقد أمر رسول الله بغسل النجاسات بالماء لا بغير ، وبذلك أمر أسماء ، فقال لها في إزالة دم الحيض من ثوبها : حتيه واقرصيه بالماء " .

                                                                                                                        1714 - وإذا ورد التوقيف والنص على الماء لم يجز خلافه .

                                                                                                                        1715 - وللكوفيين آثار يحتجون بها ، منها حديث موسى بن عبد الله بن يزيد ، عن امرأة من بني عبد الأشهل ، قالت : " قلت يا رسول الله ! إن لنا [ ص: 134 ] طريقا إلى المسجد منتنة ، فكيف نفعل إذا مطرنا أو تطهرنا ؟ قال : أليس بعدها طريق أطيب منها ؟ قلت : بلى . فقال : فهذه بهذه " .

                                                                                                                        1716 - وقد ذكرناه من طرق في التمهيد ، وهو محتمل للتأويل أيضا .

                                                                                                                        1717 - ومن حجتهم أيضا قوله - عليه السلام - : " إذا وطئ أحدكم بخفيه أو نعليه في الأذى فالتراب لها طهور " .

                                                                                                                        1718 - وهو حديث مضطرب الإسناد لا يثبت ، اختلف فيه على الأوزاعي وعلى سعيد بن أبي سعيد اختلافا لا يسقط به الاحتجاج .

                                                                                                                        1719 - واحتجوا أيضا بقول عبد الله بن مسعود : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نتوضأ من موطئ " .

                                                                                                                        [ ص: 135 ] 1720 - وهذا أيضا يحتمل التأويل .

                                                                                                                        1721 - واحتجوا بالإجماع على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها طهرت وطابت .

                                                                                                                        1722 - ومعلوم أن طرقها لم يغسل بماء وهذا أيضا يحتمل التأويل .

                                                                                                                        1723 - وعلى الكوفيين للحجازيين حجاج يطول ذكره ، واعتراضات بعضهم في ذلك على بعض لا سبيل إلى إيرادها في مثل هذا الكتاب .




                                                                                                                        الخدمات العلمية