الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      ولما انتهى كلامه عليه السلام على هذا الوجه البديع، أخبر سبحانه بما أفهم أن قومه لم يجدوا عنه جوابا أصلا؛ لأنهم انتقلوا إلى الدفاع بالفعل، وهو أمارة الانقطاع، فقال مستأنفا: قال الملأ ، أي: الأشراف، الذين استكبروا أي: أوجدوا الكبر إيجاد من هو طالب له بغاية الرغبة، وخصهم ليحصل تمام التسلية بقوله: من قومه لنخرجنك وبين غلظتهم وجفاءهم بقولهم: يا شعيب من غير استعطاف ولا إجلال والذين آمنوا ويجوز أن يتعلق قوله: معك ب "آمنوا"، وب "نخرج"، من قريتنا أي: من المكان الجامع لنا لمفارقتكم إيانا، أو لتعودن أي: إلا أن تعودوا، أي: ليكونن آخر الأمرين: إما الإخراج وإما العود، في ملتنا أي: بالسكوت عنا كما كنتم، ولم يريدوا منه العود إلى الكفر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان محفوظا قبل النبوة كإخوانه من الأنبياء عليهم السلام، بل كانوا يعدون سكوته عليه السلام - قبل إرساله إليهم من دعائهم وسب آلهتهم وعيب دينهم - كونا في ملتهم، ومرادهم الآن رجوعه عليه السلام إلى تلك الحالة [ ص: 2 ] والقناعة ممن اتبعه بذلك، فيكون مرادهم بالعود حقيقة في الجميع.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان كل من الإخراج والرد مستعظما، أخبر تعالى أنه أنكره بقوله: قال أولو أي: أتخرجوننا أو تعيدوننا لو كنا راضين للإخراج والعود ولو كنا كارهين

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية