الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6245 [ ص: 178 ] 15 - باب: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا [التوبة: 51]

                                                                                                                                                                                                                              قال مجاهد بفاتنين [الصافات: 162]: بمضلين، إلا من كتب الله أنه يصلى الجحيم. قدر فهدى [الأعلى: 3]: قدر الشقاء والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.

                                                                                                                                                                                                                              6619 - حدثني إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا النضر، حدثنا داود بن أبي الفرات، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون فقال: " كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، ما من عبد يكون في بلد يكون فيه، ويمكث فيه لا يخرج من البلد، صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد". [انظر: 3474 - فتح: 11 \ 514].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون فقال: "كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، ما من عبد يكون في بلد يكون فيها لا يخرج من البلدة صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد" .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث بشرى لهذه الأمة من الصابرين منهم المحتسبين. وهذه الآية حجة على من يقول بخلق الأفعال; لأنه لم يجعل لفتنتهم تأثيرا، إلا من كتب الله تعالى أنه يصلى الجحيم. واحتج بها مالك في كتاب الجهاد من "المدونة".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 179 ] وقوله: قدر فهدى [الأعلى: 3] أي: الأنعام لمراتعها، قال الفراء : أي قدر خلقه فهدى. قيل: هدى الذكر من البهائم لإتيان الأنثى. وقيل: هدى ثم قدر لقوله سرابيل تقيكم الحر [النحل: 81].

                                                                                                                                                                                                                              والطاعون: الموت من الوباء، قاله أهل اللغة. وعبارة الداودي : إنه حب ينبت في الأرفاغ، وقد سلف إيضاحه.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              معنى هذا الباب: أن الله تعالى أعلم عباده أن ما يصيبهم في الدنيا من الشدائد والمحن والضيق، والخصب والجدب، أن ذلك كله فعل الله تعالى ، يفعل من ذلك ما يشاء لعباده، ويبتليهم بالخير والشر، وذلك كله مكتوب في اللوح المحفوظ، ولا فرق في هذا بين جماعة الأمة من قدري وسني، وإنما اختلفوا في أفعال العباد الواقعة منهم على ما سلف قبل.

                                                                                                                                                                                                                              وهذه الآية إنما جاءت فيما أصاب العباد من أفعال الله تعالى، التي اختص باختراعها دون خلقه، ولم يقدرهم على كسبها دون ما أصابوه مكتسبين له مختارين.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية