الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الخامسة :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : في تفسير الينع : فيه ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : الطيب والنضج ; يقال : أينع الثمر يينع ويونع ، والثمر يانع ومونع ، إذا أدرك .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال ابن الأنباري : الينع جمع يانع ، وهو المدرك البالغ .

                                                                                                                                                                                                              الثالث :

                                                                                                                                                                                                              قال الفراء : " ينع " أقل من " أينع " ومعناه احمر ، ومنه ما روي في حديث [ ص: 264 ] الملاعنة : { إن ولدته أحمر مثل الينعة } ، وهي : خرزة حمراء ، يقال : إنه العقيق ، أو نوع منه ; وهو الذي عليه يقف جواز بيع الثمر ، وبه يطيب أكلها ، ويأمن العاهة ، وذلك عند طلوع الثريا مع الفجر ، بما أجرى الله سبحانه في ذلك من العادة ، وأحكمه من العلم والقدرة ، وفصله من الحكم والشريعة ; ومن ألفاظ الحديث : { نهى عن بيع الثمر قبل أن يشقح } قال الأصمعي : إذا تغير البسر إلى الحمرة قيل : هذه شقحة ، وقد أشقحت . وقد قال ابن وهب قال مالك وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : { إلى ثمره إذا أثمر وينعه }

                                                                                                                                                                                                              الإيناع : الطيب بغير فساد ولا نقش .

                                                                                                                                                                                                              قال مالك : والنقش أن تنقش أسفل البسرة حتى ترطب ، يريد يثقب فيها ، بحيث يسرع دخول الهواء إليه فيرطب معجلا ; فليس ذلك الينع المراد في القرآن ، ولا هو الذي ربط به رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع ; وإنما هو ما يكون من ذاته بغير محاولة ، وفي بعض بلاد التين ، وهي البلاد الباردة ، لا ينضج حتى يدخل في فمه عمود قد دهن بزيت ، فإذا طاب حل بيعه ; لأن ذلك ضرورة الهواء وعادة البلاد ، ولولا ذلك ما طاب في وقت الطيب .

                                                                                                                                                                                                              وقال الزبير بن بكار : قلت لعبد الملك بن الملك بن الماجشون وقد رأيته يأكل الرطب يقصعه ، كيف تفعل هذا ، وقد { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيع الرطب } ؟ فقال : إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيع الرطب حيث كان أكله : يتشبع به ; وقد جاء الله بالرخاء والخير ، والمراد هاهنا بالتقصيع أكل الرطبة في لقمة ، وذلك يكون مع الشبع ; فإذا لم يكن غيرها فأكلها في لقم أثبت للشبع .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية