الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : وإن هذه أمتكم أمة واحدة فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : دينكم دين واحد ، قاله الحسن ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وهل يأتمن ذو أمة وهو طائع



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : جماعتكم جماعة واحدة ، حكاه ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : خلقكم خلق واحد .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : فتقطعوا أمرهم بينهم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : ففرقوا دينهم بينهم قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : انقطع تواصلهم بينهم . وهو محتمل .

                                                                                                                                                                                                                                        زبرا فيه تأويلان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما يعني قطعا وجماعات ، قاله مجاهد ، والسدي ، وتأويل من قرأ بفتح الباء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يعني ، كتبا ، قاله قتادة ، وتأويل من قرأ بضم الباء ومعناه ، أنهم تفرقوا الكتب ، فأخذ كل فريق منهم كتابا ، آمن به وكفر بما سواه .

                                                                                                                                                                                                                                        كل حزب بما لديهم فرحون فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : كل حزب بما تفردوا به من دين وكتاب فرحون .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : كل حزب بما لهم من أموال وأولاد فرحون . وفي فرحهم وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه سرورهم .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : أنها أعمالهم .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : فذرهم في غمرتهم فيها أربعة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : في ضلالتهم ، وهو قول قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 58 ] والثاني : في عملهم ، وهو قول يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        والثالث : في حيرتهم ، وهو قول ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        والرابع : في جهلهم ، وهو قول الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        حتى حين فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : حتى الموت .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : حتى يأتيهم ما وعدوا به ، وهو يوم بدر .

                                                                                                                                                                                                                                        والثالث : أنه خارج مخرج الوعيد كما تقول للتوعد : لك يوم ، وهذا قول الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين أي نعطيهم ونزيدهم من أموال وأولاد .

                                                                                                                                                                                                                                        نسارع لهم في الخيرات فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : نجعله في العامل خيرا .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : أنما نريد لهم بذلك خيرا .

                                                                                                                                                                                                                                        بل لا يشعرون فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : بل لا يشعرون أنه استدراج .

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني : بل لا يشعرون أنه اختبار .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية