الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والطهارة لها أربع مراتب .

المرتبة الأولى تطهير الظاهر عن الأحداث وعن الأخباث والفضلات .

المرتبة الثانية تطهير الجوارح عن الجرائم والآثام .

المرتبة الثالثة تطهير القلب عن الأخلاق المذمومة والرذائل الممقوتة .

المرتبة الرابعة: تطهير السر عما سوى الله تعالى وهي طهارة الأنبياء صلوات الله عليهم والصديقين .

.

التالي السابق


(والطهارة لها أربع مراتب) وهي لغة النظافة حسية أو معنوية، وشرعا صفة حكمية توجب أي تصحح لموصوفها صحة الصلاة به أو فيه أو معه، وعرفت أيضا بأنها صفة حكمية توجب لمن قامت به رفع حدث أو إزالة خبث أو استباحة كل مفتقر إلى طهر في البدلية، وكونها لها أربع مراتب أو أقل أو أكثر نظرا إلى الاستعمال اللغوي (الأولى تطهير الظاهر) أي الأعضاء الظاهرة (عن الأحداث) برفعها (والأخباث) بإزالتها (والفضلات) بالتحريك جمع فضلة بفتح فسكون هي ما تتفضل عن الإنسان بالتقليم والحلق والاستحداد والتنوير والاختتان، وهي طهارة عامة المسلمين .

(المرتبة الثانية تطهير الجوارح) وهي الأعضاء الخارجة تشبيها لها بجوارح الطير لأنها تجرح أو تكسب ويقال لها: الكواسب أيضا (من الجرائم والآثام) الجرائم جمع جريمة وهي اكتساب الإثم، وقال الراغب: أصل الجرم القطع يقال: جرم الثمر عن الشجر إذا قطعه ثم استعير ذلك لكل اكتساب مكروه ولا يكاد يقال في عامة كلامهم للكسب المحمود، والآثام جمع إثم وهي الأفعال المبطئة عن الثواب، وقال الراغب: الإثم أعم من العدوان، وهي طهارة خواص المسلمين .

(المرتبة الثالثة تطهير القلب عن الأخلاق المذمومة) التي ذمها الشارع كالبخل والكبر والعجب والتصنع وكفر النعمة والبطر والغل والغش وغيرها مما سيأتي ذكرها للمصنف (والرذائل) أي الخصال الرذيلة أي الرديئة (الممقوتة) أي المبغوضة عند الله تعالى، والمقت أشد الغضب، وهي طهارة خواص المؤمنين من العباد [ ص: 305 ] الصالحين .

(المرتبة الرابعة تطهير السر) ، وهو باطن القلب (عما سوى الله تعالى) بحيث لا يخطر فيه خاطر لغير الله تعالى (وهي طهارة الأنبياء) صلوات الله عليهم فإنهم دائما في مشاهدة الحق لا ينظرون إلى سوى الله تعالى (و) كذلك طهارة (الصديقين) ومقام الصديقية تحت مقام النبوة، ويدل لذلك قوله تعالى: من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

فالمرتبة الأولى لصالحي المسلمين، وهي أول درجة الولاية، والثانية لصالحي المؤمنين وهي الدرجة الثانية، والثالثة درجة الشهداء وهي فوق الثانية، والرابعة درجة الأنبياء والصديقين على طريقة التدلي. ولا يظن الظان أن هذه المراتب والدرجات سهلة هيهات لا يصل السالك إلى أول درجة الولاية إلا بعد قطع مفاوز ومهالك ومنهم من يموت، وهو في أول الطريق، ولكن العناية الإلهية إذا ساعفت فقل فيها ما شئت .




الخدمات العلمية