الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
679 711 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=16272وأبو النعمان ، قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=650670كان nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ nindex.php?page=treesubj&link=1648_1724يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يأتي قومه فيصلي بهم .
مراده بهذا : أن nindex.php?page=treesubj&link=1725_1726اقتداء المفترض بالمتنفل صحيح ، استدلالا بهذا الحديث .
وقد ذهب إلى هذا طائفة من العلماء ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وقال : لم نزل نسمع بذلك .
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد - في رواية - nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11997وأبي خيثمة nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبي بكر بن أبي شيبة وسليمان بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=16040وسليمان بن داود الهاشمي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وداود nindex.php?page=showalam&ids=14032والجوزجاني nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء والحكم بن عمرو الغفاري وغيرهما من الصحابة ما يشهد له .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ورجل من الأنصار nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس قريب منه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12004أبي رجاء العطاردي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه .
كذا قال ، والمعروف عنهما خلاف ذلك ، كما سنذكر ذلك .
وحكاه - أيضا - عن nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق : هو سنة مسنونة ، وهو على ما سن النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الخوف .
[ ص: 227 ] ونقل إسماعيل بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، قال : لا بأس به .
قال : ومما يقوي حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ : حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الخوف بطائفتين ، بكل طائفة ركعتين ، ولا أعلم شيئا يدفع هذا .
وحديث صلاة الخوف قد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى .
وذهب آخرون إلى المنع من ذلك ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=1728_1650المفترض إذا اقتدى بمتنفل لم تصح صلاته ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وربيعة ويحيى الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة .
قال : وروي معناه عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وأبي قلابة .
قلت : وقد روي - أيضا - معناه عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في ( كتابه ) عنهم .
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والحسن بن حي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد .
وهو المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ونقل عنه أنه رجع عن القول بخلافه ، وعلى هذا أبو بكر عبد العزيز وغيره من أصحابنا ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رجع عن القول بجواز ذلك .
قال - في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15202المروذي - : كنت أذهب إليه - يعني : حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ - ثم ضعف عندي .
واعتل nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد على حديث معاذ بأشياء :
أحدها : أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ رواه جماعة لم يذكروا فيه أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ذكروا أنه كان يصلي بقومه ويطيل بهم ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبو الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، ومنهم : nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار وأبو صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
الثاني : أن الذين ذكروا : أنه كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم [ ص: 228 ] قومه ، لم يذكر أحد منهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ما أرى ذلك محفوظا ، وقال - مرة - : ليس عندي ثبتا ؛ رواه nindex.php?page=showalam&ids=17154منصور بن زاذان nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة وأيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، ولم يقولوا ما قال nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة .
كذا قال ، وقد رواه - أيضا - ابن عجلان ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، مثل رواية nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو .
وهذا أقوى الوجوه ، وهو أن من روى صلاة nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ خلف النبي صلى الله عليه وسلم ورجوعه إلى قومه لم يذكر أحد منهم قصة التطويل والشكوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، وقد تابعه ابن عجلان عن ابن مقسم ، وليس ابن عجلان بذاك القوي .
ومن ذكر شكوى nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الثقات الحفاظ لم يذكروا فيه أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم .
ولم يفهم كثير من أصحابنا هذا الذي أراده الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على وجهه .
الثالث : قال في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل : هذا على جهة التعليم من nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ لقومه .
يعني : لم يكن يصلي بهم إلا ليعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما علم مالك بن الحويرث قومه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد الصلاة ، وقد سبق حديثه .
ولكن الفرق بينه وبين حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ : أن مالك بن الحويرث علم قومه الصلاة في غير وقت صلاة ، فكانوا كلهم متنفلين بالصلاة ، nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ كان يصلي المكتوبة ، ثم يرجع إلى قومه ، وهم ينتظرونه حتى يؤمهم فيها ، فكانوا مفترضين .
الرابع : قال في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي : إن صح ، فله معنى دقيق لا يجوز مثله اليوم .
[ ص: 229 ] وقد قيل : إن هذا المعنى الذي أشار إليه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، هو أنه كان في أول الإسلام ، وكان من يقرأ القرآن قليلا ، فكان يرخص لهم في ذلك توسعة عليهم ، فلما كثر القراء انتسخ ذلك ، وقد سبق نحو ذلك في nindex.php?page=treesubj&link=1705إمامة الصبي أيضا .
وكذا روى nindex.php?page=showalam&ids=14304عباس الدوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ، أنه قال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ، أنه كان يصلي بأصحابه ، وقد صلى قبل ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم ، قال يحيى : لا أرى هذا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14304عباس : معنى هذا - عندنا - : أن يحيى كان يقول : هذا في بدو الإسلام ، ومن يقرأ القرآن قليل ، فلا أرى هذا ، هذا قول يحيى عندنا .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13260ابن شاهين ، عن أبي بكر النجاد ، أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي وسئل عمن صلى فريضة خلف متطوع ؟ فقال : لا يجوز ، فقيل له : فحديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ؟ قال : حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ أعيا القرون الأولى .
وأجابت طائفة عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بجواب آخر ، وهو : أنه يجوز أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم تطوعا ، ثم يصلي الفريضة بقومه .
ورد ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لم يكن معاذ يفوت نفسه فضل الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من رواية أبي عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم ، هي له تطوع ولهم فريضة .
[ ص: 230 ] ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج نحوه ، إلا أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=694568فيصلي بهم تلك الصلاة ، هي له نافلة ولهم فريضة .
ولعل هذا مدرج من قول nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . والله أعلم .
وقد ظن بعض فقهاء أصحابنا أن هذه الزيادة هي التي أنكرها nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، وهذا وهم فاحش ، فإن هذه الزيادة تفرد بها nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لا nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة .
وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في صلاة الخوف بأن هذا جائز في صلاة الخوف دون غيرها ؛ لأنه يغتفر في صلاة الخوف ما لا يغتفر في غيرها من الأعمال ، وكذلك النيات .
واستدلوا على منع ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=12477 ( إنما الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ) وقالوا : مخالفته في النية اختلاف عليه .
لكن جمهورهم يجيزون اقتداء المتنفل بالمفترض ، ولم يجعلوه اختلافا عليه .
واعلم أن جمهور العلماء في هذه المسألة على المنع ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأهل المدينة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأهل العراق nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وأهل مصر ، وهو قول جمهور التابعين من أهل المدينة والعراق .
ولكن قد قال بالجواز خلق كثير من العلماء .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ، قد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم علم به وأقر عليه ، وقد توبع nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة على ذلك ، كما أشرنا إليه ، ولم يظهر عنه جواب قوي .
فالأقوى : جواز المفترض بالمتنفل ، وقد رجح ذلك صاحب ( المغني ) وغيره من أصحابنا . والله أعلم .
[ ص: 231 ] وقد عارض بعضهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بما روى معاذ بن رفاعة الأنصاري ، عن nindex.php?page=hadith&LINKID=64152سليم الأنصاري - من بني سلمة - أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : يا رسول الله ، إن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام ، ونكون في أعمالنا في النهار ، فينادى بالصلاة ، فنخرج إليه ، فيطول علينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ، لا تكن فتانا ، إما أن تصلي معي ، وإما أن تخفف على قومك ) .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
وهو مرسل ؛ فإن سليما هذا قتل في يوم أحد ، وقد ذكر ذلك في تمام هذا الحديث .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هو منكر لا يصح .
قلت : لو صح فيحتمل أن يكون المراد : إما أن تقتصر على صلاتك معي فتقيم لقومك من يصلي بهم غيرك ، وإما أن تذهب إليهم فتصلي بهم وإن صليت معي لكن تخفف عليهم ولا تطيل بهم . والله سبحانه وتعالى أعلم .