الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          إن وليي الله الذي نـزل الكتاب وهو يتولى الصالحين .

                                                          إن وليي الله الولي هو الحبيب الموالي، والنصير، والمظل بالرعاية، وكل هذا يتضمنه ولاية الله لنبيه فهو حبيبه وناصره، ومن يعيش في ظله، ومن يفيض عليه برحمته وهدايته، ومن يكون الله تعالى وليه لا يضار، ومن يرومه رد عليه.

                                                          وقد أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولايته لله بالجملة الاسمية، و"إن" المؤكدة، والكلام يفيد القصر، أي: إن ولايتي لله تعالى وحده، لا ولاية لأحد سواه، هنالك الولاية لله الحق، وإنه نعم المولى ونعم النصير.

                                                          وقد ذكر بعد ذلك أن الله تعالى هو منزل القرآن، وهو جدير بأن يحفظه كما وعد وكما ذكر، وأن يؤيد من بلغه رحمة للعالمين، فقال تعالى: الذي نـزل الكتاب وصلة الموصول علة في الحكم أو مؤكد لمعنى القول، أي أن الله تعالى ناصر محمدا - صلى الله عليه وسلم - لأنه صاحب الولاية المطلقة; ولأنه رسوله، وصاحب الكتاب المبين الذي يماري فيه الضالون، فالله ناصره.

                                                          وأمر ثالث يوجب عون الله تعالى ونصرته، وهو أن الله تعالى من شأنه أن يتولى الصالحين، أي يتعهدهم برعايته وتأييده وتوفيقه، ولا يتولى المفسدين.

                                                          [ ص: 3039 ] وفي هذا الكلام إشارتان بيانيتان:

                                                          إحداهما - الحكم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه من الصالحين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، وأن عبدة الأوثان مفسدون، قد أفسدوا في تفكيرهم وفي اعتقادهم، وأفسدوا وأضلوا باتباعهم الأوهام، وبعبادتهم من لا ينفع ولا يضر.

                                                          والثانية - أن الله تعالى ناصر الصالح على الفاسد، ويتولى الصالحين برعايته، وأنه - سبحانه وتعالى - لن يضيعهم أبدا، وأن النصر في النهاية للفضيلة لا للرذيلة، وللحق لا للباطل، وهو يتولى عباده المخلصين دائما.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية