الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6337 [ ص: 414 ] 6 - باب: قول الله -عز وجل-: أو تحرير رقبة [المائدة:89] وأي الرقاب أزكى؟

                                                                                                                                                                                                                              6715 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا الوليد بن مسلم، عن أبي غسان محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن علي بن حسين، عن سعيد ابن مرجانة ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من أعتق رقبة مسلمة، أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، حتى فرجه بفرجه" [انظر: 2517 - مسلم: 1509 - فتح: 11 \ 599]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، حتى فرجه بفرجه" .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              ويريد به: أن من أعتق عتق من النار البعض بالبعض، ويصح التبعيض كما في قطع اليد أو غيرها من الأعضاء; لأنه - عليه السلام - قال: "حرم الله على النار أن تأكل موضع السجود" .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("حتى فرجه بفرجه") (حتى) هنا عاطفة، وهي عند النحويين لا تعطف إلا بثلاث شروط: أن تعطف قليلا على كثير، وأن يكون من جنسه، وأن يراد به التعظيم أو التحقير، والقليل (هنا الفرج والكثير) الأعضاء وهو من جنسها، والمراد به: التحقير، فيكون "فرجه" منصوبا بالعطف.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 415 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قد أسلفنا في الصوم أنه يجزئ الكافرة والصغيرة عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول الكوفيين وأبي ثور ، وكذا المعيبة عند داود ، فإن مالكا والشافعي وأحمد يشترطون الإيمان، وكذا الأوزاعي ، قال الكوفيون : فندب به في كفارة قتل الخطأ خاصة دون كفارة اليمين والظهار، فلا تقاس الرقبة كما لم يقس الصوم المطلق على المتتابع، وكما لم يجعل الإطعام في القتل بدلا من الصوم قياسا على الظهار، أجاب الأكثرون: يحمل المطلق على المقيد، فإن علة التقييد كونها كفارة، فألحق (بها) مالم يقيد.

                                                                                                                                                                                                                              ألا ترى أن الله تعالى شرط العدالة في الشهادة، حيث قال: ممن ترضون من الشهداء [البقرة: 282] وقال في موضع آخر وأشهدوا إذا تبايعتم [البقرة: 282] ولم يختلف العلماء في أن العدالة من شرط الإشهاد في التبايع ، فوجب أن تكون مثل ذلك في الرقبة، فلما قيدت في موضع استغني عن إعادتها في غيره. ألا ترى أنه - عليه السلام - إنما حض على عتق المؤمن لأنه أزكى وأطهر. ولم يختلف العلماء في جواز عتق الكافر في التطوع، واحتج مالك في ذلك بقوله تعالى: فإما منا بعد وإما فداء [محمد: 4] فالمن: العتق للمشركين ، وقد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جماعة منهم




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية