الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6351 [ ص: 468 ] 5 - باب: ميراث الولد من أبيه وأمه

                                                                                                                                                                                                                              وقال زيد بن ثابت - رضي الله عنه - إذا ترك رجل أو امرأة بنتا فلها النصف، وإن كانتا اثنتين أو أكثر فلهن الثلثان، وإن كان معهن ذكر بدئ بمن شركهم، فيؤتى فريضته، فما بقي فللذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                                                                                                                              6732 - حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب، حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر". [6735، 6746، 6746 - مسلم: 1615 - فتح: 12 \ 11].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              أثر زيد أخرجه الإمام يزيد بن هارون في "فرائضه": أنا سفيان بن سعيد ، عن منصور والأعمش ، عن إبراهيم بن يزيد عنه، وقول يزيد هذا هو قول الجماعة في البنت، إلا من يقول بالرد، وكذا في الاثنين فأكثر إلا من يقول بالرد، وإلا ابن عباس ، فإنه كان يجعل للبنتين النصف كما سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (وإن كان معهن ذكر) يريد: إن كان مع البنات أخ لهن وكان معهم غيرهم ممن له فرض مسمى، وكذلك قال: (شركهم) ولم يقل: شركهن; لأنه أراد الابن والبنات و(شركهم) بكسر الراء. يقال: شركت الرجل في الميراث والبيع: أشركه، والاسم الشرك.

                                                                                                                                                                                                                              مثال ذلك: مات رجل عن زوج وأب أو جد وابن وبنات، أعطي الأولون فرائضهم; لأنه لا يحجب واحد منهم بالبنتين، فما بقي بين [ ص: 469 ] الذكر والبنات فللذكر مثل حظ الأنثيين، فهذا تفسير هذا الباب، وهو تأويل قوله - عليه السلام -: "فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" أي: أعطوا كل ذي فرض فرضه، وما بقي فلمن لا فرض له; لأنهم عصبة ، والبنات مع أخيهن لا فرض لهن معه وهن معه عصبة من أجله.

                                                                                                                                                                                                                              وأما قوله: "فلأولى رجل ذكر" يريد: إذا كان في الذكور من هو أولى بصاحبه بقرب أو ببطن، وأما إذا استويا بالتعدد وأدلوا بالآباء والأمهات معا كالإخوة وشبههم، فلم يقصدوا بهذا الحديث; لأنه ليس في البنين أولى من غيره; لأنهم قد استووا في المنزلة، ولا يجوز أن يقول: أولى وهم سواء، فلم يرد البنين بهذا الحديث، وإنما أراد غيرهم على ما يأتي.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (بدئ بمن شركهم) إنما يصح هذا إذا لم تضق الفريضة، وأما إذا ضاقت فلا يبدأ بأحد قبل صاحبه; لأن القول يعمهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("ذكر") للتأكيد; لأن الرجل لا يكون إلا ذكرا كقوله: ابن لبون ذكر، وقوله تعالى: وغرابيب سود [فاطر: 27] وقوله تلك عشرة كاملة [البقرة: 196] وهذا فيما عدا الإخوة والأخوات والابن والبنات وبني البنين وأخواتهم، ويراد به العمة مع العم، وبنت الأخ مع أخيها، وبنت العم مع أختها، وذكر عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنه قال: في بنت وأخ وأخت أشقاء أو لأب، يريد: للأخ وحده ما بقي، ولعله تأول عموم هذا الحديث وهو عجيب; لأن الله تعالى قال: وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين [النساء: 176].




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية