الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( الحجة الخامسة ) المرأتان واليمين هي حجة في الأموال يحلف مع المرأتين ويستحق ، وقاله أبو حنيفة ، ومنعه الشافعي وابن حنبل ، ووافقنا في الشاهد ، واليمين لنا وجوه

( الأول ) أن الله تعالى أقام المرأتين مقام الرجل فيقضي بهما مع اليمين كالرجل ، ولما علل عليه السلام نقصان عقلهن قال عدلت شهادة امرأتين بشهادة رجل ، ولم يخص موضعا دون موضع .

( الثاني ) أنه يحلف مع نكول المدعى عليه فمع المرأتين أقوى الثالث أن المرأتين أقوى من اليمين لأنه لا يتوجه عليه يمين معهما ، ويتوجه مع الرجل ، وإذا لم يعرج على اليمين إلا عند عدمهما كانتا أقوى فيكونان كالرجل فيحلف معهما احتجوا بوجوه

( الأول ) أن الله تعالى إنما شرع شهادتهن مع الرجل فإذا عدم الرجل العيب

( الثاني ) أن البينة في المال إذا خلت عن رجل لم تقبل كما لو أشهد أربع نسوة فلو أن امرأتين كالرجل لتم الحكم بأربع ، ويقبلن في غير المال كما يقبل الرجل ، ويقبل في غير المال رجل ، وامرأتان .

( الثالث ) أن شهادة النساء ضعيفة فتقوى بالرجل ، واليمين ضعيفة فيضم ضعيف إلى ضعيف ، والجواب عن الأول أن النص دل على أنهما يقومان مقام الرجل ، ولم يتعرض لكونهما لا يقومان مقامه مع اليمين فهو مسكوت عنه ، وقد دل عليه الاعتبار المتقدم كما دل الاعتبار على اعتبار القمط في البنيان والجذوع وغيرها ، وعن الثاني أنا قد بينا أن المرأتين أقوى من اليمين ، وإنما لم يستقل النسوة في أحكام الأبدان لأنها لا يدخلها الشاهد واليمين ، ولأن تخصيص الرجال بموضع لا يدل على قوتهم لأن النساء قد خصصن بعيوب الفرج وغيرها ، ولم يدل ذلك على رجحانهن على الرجال ، وهو الجواب عن الثالث .

[ ص: 92 ]

التالي السابق


[ ص: 92 ] حاشية ابن حسين المكي المالكي

( الباب الخامس ) في بيان ما تكون فيه الحجة الخامسة ، والخلاف في قبولها ، وفيه وصلان :

( الوصل الأول ) في تبصرة ابن فرحون القضاء بامرأتين ويمين المدعي يجري فيما يجري فيه الشاهد واليمين من الأموال على ما تقدم في باب الشاهد واليمين ، وكذا الوراثة كما لو ولدت امرأة ثم ماتت هي وولدها فشهدت امرأتان أن الأم ماتت قبل ولدها فإن الأب يحلف أو أورثته على ذلك ، ويستحقون ما يرث عن أمه لأنه ماله قاله ابن القاسم ، واختلف في مسائل منها لو شهد النساء في طلاق ودين شهادة واحدة جازت مع اليمين في الدين دون الطلاق ومنها ما إذا شهدت امرأتان على ميت أنه أوصى لرجل قال في المدونة لا تجوز شهادتهما إن كان في الوصية عتق وإبضاع النساء يريد نكاح البنات فأبطل الوصية كلها قال ابن رشد وقد اختلف في هذا الأصل ، وهو ما إذا اشتملت الشهادة على ما تجيزه السنة ، وما لا تجيزه ، والمشهور جواز ما أجازته السنة دون ما لم تجزه ، وقيل يرد الجميع ا هـ

( الوصل الثاني ) في الأصل المرأتان واليمين هي حجة عندنا ، وقاله أبو حنيفة ، ومنعه الشافعي وكذا ابن حنبل ، ووافقنا في الشاهد واليمين لنا وجوه

( الأول ) أن الله تعالى أقام المرأتين مقام الرجل فيقضي بها مع اليمين كالرجل ، ولما علل عليه السلام نقصان عقلهن قال عدلت شهادة امرأتين بشاهدة رجل ، ولم يخص موضعا دون موضع

( الثاني ) أنه يحلف مع نكول المدعى عليه فمع المرأتين أقوى .

( الثالث ) أن المرأتين أقوى من اليمين لأنه لا يتوجه عليه يمين معهما ، ويتوجه مع الرجل ، وإذا لم تعرج على اليمين إلا عند عدمهما كانتا أقوى فيكونان كالرجل فيحلف معهما ، وأما الوجوه التي احتجوا بها فالأول أن الله تعالى إنما شرع شهادتين مع الرجل فإذا عدم الرجل ألغيت ، وجوابه أن النص دل على أنهما يقومان مقام الرجل ، ولم يتعرض لكونهما لا يقومان مقامه مع اليمين فهو مسكوت عنه ، وقد دل عليه الاعتبار المتقدم كما دل الاعتبار على اعتبار القمط في البنيان والجذوع وغيرها .

( والوجه الثاني ) أن في المال إذا خلت عن رجل لم تقبل كما لو شهد أربع نسوة فلو أن امرأتين كالرجل لتم الحكم بأربع ، ويقبلن في غير المال كما يقبل الرجل ، ويقبل في غير المال رجل ، وامرأتان .

( والوجه الثالث ) أن شهادة النساء ضعيفة فتقوى بالرجل ، واليمين ضعيفة فيضم ضعيف إلى ضعيف ، وجوابهما إن قد بينا أن امرأتين أقوى ، وإنما لم يستقل النسوة في أحكام الأبدان لأنها لا يدخلها الشاهد واليمين ، ولأن تخصيص الرجال بموضع لا يدل على قولهم لأن النساء قد خصصن بعيوب الفرج وغيرها ، وإن لم يدل ذلك على رجحانهن على الرجال ا هـ ، وسلمه ابن الشاط ، والله أعلم .




الخدمات العلمية