الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              589 [ ص: 339 ] 8 - باب: الدعاء عند النداء

                                                                                                                                                                                                                              614 - حدثنا علي بن عياش قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة" [4719 - فتح: 2 \ 94].

                                                                                                                                                                                                                              حدثنا علي بن عياش قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة"... الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              والكلام عليه من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها: هذا الحديث أورده هنا وفي سورة سبحان من التفسير، وأخرجه الأربعة، ولم يخرجه مسلم، وقال الترمذي: حديث حسن غريب من حديث محمد بن المنكدر، لا نعلم أحدا رواه غير شعيب بن أبي حمزة.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها: النداء: الأذان، والمراد بالدعوة التامة: دعوة الأذان؛ سميت بذلك؛ لكمالها وعظم موقعها، فلا نقص فيها ولا عيب؛ لانتفاء الشركة فيه. والصلاة القائمة أي: التي تقوم أي: تقام وتفعل بصفاتها، وقيل: إنها الدعاء بالنداء؛ لأن الدعاء يسمى صلاة،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 340 ] والوسيلة: القربة. وفي "صحيح مسلم" من حديث عبد الله بن عمرو "إنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة". وقيل: إنها الشفاعة، وقيل: القرب من الله تعالى، والمقام المراد به مقام الشفاعة العظمى الذي يحمده فيه الأولون والآخرون.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: مقاما محمودا: كذا هو بالتنكير فيهما، وهو موافق لقوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [الإسراء: 79]. ووقع في "صحيح أبي حاتم بن حبان" بسند ابن خزيمة بالتعريف فيهما، وكذا أخرجها البيهقي أيضا في "سننه" وعزاها إلى البخاري، ومراده: أصل الحديث كما هو معروف من عادته، وسؤال هذا المقام مع أنه موعود به؛ لشرفه وكمال منزلته، وعظم حقه، ورفيع ذكره، وقوله: "الذي وعدته"، ويجوز أن يكون بدلا ومنصوبا بأعني ومرفوعا خبر مبتدأ محذوف أي: هو الذي وعدته، ومعنى "حلت له": غشيته ونالته، وله بمعنى: عليه، كما في قوله تعالى: يخرون للأذقان [الإسراء: 107]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ويؤيده رواية مسلم السالفة "حلت عليه"، وقيل: وجبت له. قال تعالى: ومن يحلل عليه غضبي [طه: 81] من قرأه بالضم أراد: ينزل، ومن قرأه بالكسر قال: وجب.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها: فيه: استحباب الدعاء المذكور لكل سامع وللمؤذن أيضا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية