الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين

                                                                                                                                                                                                                                      وما وجدنا لأكثرهم ; أي : أكثر الأمم المذكورين ، واللام متعلقة بالوجدان ، كما في قولك : ما وجدت له مالا ; أي : ما صدفت له مالا ولا لقيته .

                                                                                                                                                                                                                                      أو بمحذوف وقع حالا من قوله تعالى : من عهد لأنه في الأصل صفة للنكرة ، فلما قدمت عليها انتصبت حالا ، والأصل : ما وجدنا عهدا كائنا لأكثرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      و" من " مزيدة للاستغراق ; أي : وما وجدنا لأكثرهم من وفاء عهد ، فإنهم نقضوا ما عاهدوا الله عليه عند مساس البأساء والضراء ، قائلين : لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ; فتخصيص هذا الشأن بأكثرهم ليس لأن بعضهم كانوا يوفون بعهودهم ، بل لأن بعضهم كانوا لا يعهدون ولا يوفون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المراد بالعهد : ما عهد الله تعالى إليهم من الإيمان والتقوى ، بنصب الآيات وإنزال الحجج . وقيل : " ما عهدوا " عند خطاب ألست بربكم ; فالمراد بأكثرهم : كلهم . وقيل : الضمير للبأس ، والجملة اعتراض ، فإن أكثرهم لا يوفون بالعهود بأي معنى كان .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن وجدنا أكثرهم ; أي : أكثر الأمم ; أي : علمناهم ، كما في قولك : وجدت زيدا ذا حفاظ . وقيل : الأول أيضا كذلك ، و" إن " مخففة من إن ، وضمير الشأن محذوف ; أي : إن الشأن وجدناهم .

                                                                                                                                                                                                                                      لفاسقين خارجين عن الطاعة ناقضين للعهود ، وعند الكوفيين أن " إن " نافية ، واللام بمعنى " إلا " ; أي : ما وجدناهم إلا فاسقين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية