الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الاستحلاف ( قال رحمه الله ) وإذا أراد الرجل أن يغيب فقالت له امرأته : كل جارية تشتريها فهي حرة حتى ترجع إلى الكوفة ، ومن رأيه أن يشتري جارية كيف يصنع ؟ قال : إذا حلف بهذه الصفة يقول : نعم فيريها بهذه الكلمة أنه حلف على الوجه الذي طلبت ، وهو يعني بني تغلب أو غيره من أحياء العرب أو ينوي بقلبه واحد الأنعام ، فإنه يقال نعم والأنعام هي الإبل والبقر والغنم قال الله تعالى { والأنعام خلقها لكم } الآية ، فإذا عنى هذا لم يكن حالفا فإن أبت إلا أن الزوج هو الذي يقول : كل جارية أشتريها فهي حرة ، قال : فليفعل ذلك وليعن بذلك كل سفينة جارية قال الله تعالى { وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام } والمراد السفن ، فإذا عنى ذلك عمل بنيته ; لأنها ظالمة له في هذا الاستحلاف ونية المظلوم فيما يحلف عليه معتبرة ، وإن حلفته بطلاق كل امرأة يتزوجها عليها فليقل : كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق ، وهو ينوي بذلك كل امرأة أتزوجها على رقبتك فيعمل بنيته في ذلك ; لأنه نوى حقيقة كلامه فلا يحنث إذا تزوج على غير رقبتها فإن كان إنما عنى أن لا أتزوج على إطلاقك فهذه النية تعمل فيما بينه وبين الله تعالى ، ولا يحنث إذا تزوج امرأة أخرى ، وكذلك إن عنى بقوله فهي طالق من الوثاق فنيته صحيحة فيما بينه وبين الله تعالى ، وإن قال : كل امرأة أتزوجها فأطؤها فهي طالق وعنى الوطء بقدمه ، فهو يدين فيما بينه وبين ربه ; لأن المنوي من محتملات لفظه ، وقال بعض مشايخنا رحمهم الله : ينبغي أن يدين في هذا الموضع في القضاء ; لأنه نوى حقيقة كلامه فالوطء يكون بالقدم حقيقة إلا أنا نقول الوطء متى أضيف إلى النساء ، فهو حقيقة في الجماع دون الوطء بالقدم ، وإنما يراد الوطء بالقدم إذا ذكر مطلقا غير مضاف إلى النساء ، فلهذا لا يدين هنا في القضاء ، وهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية