الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6387 [ ص: 590 ] 30 - باب: إذا ادعت المرأة ابنا

                                                                                                                                                                                                                              6769 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب قال: حدثنا أبو الزناد، عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت لصاحبتها إنما ذهب بابنك. وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود - عليه السلام - فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود - عليهما السلام - فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما. فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك الله. هو ابنها. فقضى به للصغرى". قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا: المدية.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما.. " الحديث بطوله، وفي آخره: "فقضى به للصغرى" قال أبو هريرة : والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا: المدية .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              أجمع العلماء أن الأم لا تستلحق بها أحدا ; لأنها لو استلحقت ألحقت بالزوج ما يكره، والله تعالى يقول ولا تكسب كل نفس إلا عليها [الأنعام: 164] وإنما يمكن أن تلحق الولد بالزوج إذا قامت البينة أنها ولدته، وهي زوجته في عصمته فإن الولد للفراش.

                                                                                                                                                                                                                              وفائدة هذا الحديث:

                                                                                                                                                                                                                              أن المرأة إذا قالت: هذا ابني ولم ينازعها فيه أحد ولم يعرف له أب، فإنه يكون ولدها ترثه ويرثها ، ويرثه إخوته لأمه; لأن هذه المرأة التي قضى لها بالولد في هذا الحديث إنما حصل لها ابنا مع تسليم المرأة المنازعة لها فيه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 591 ] وفيه من الفقه: أن من أتى من المتنازعين بما يشتبه فالقول قوله ; لأن سليمان - عليه السلام - جعل شفقتها عليه شبهة مع دعواها.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أنه جائز للعالم مخالفة غيره من العلماء، وإن كانوا أسن منه وأفضل إذا رأى الحق في خلاف قولهم ; ويشهد لهذا قوله تعالى وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث [الأنبياء: 78] فإنه تعالى أثنى على سليمان بعلمه، وعذر داود باجتهاده ولم يخله من العلم، وسيأتي في كتاب الاعتصام إيضاح اختلاف العلماء في أن المصيب واحد أو أن كل مجتهد مصيب.

                                                                                                                                                                                                                              فرع:

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن القاسم في المرأة تدعي اللقيط أنه ابنها : لا يقبل قولها وإن أتت بما يشبه، وخالفه أشهب فقال في كتاب محمد : يقبل قولها ولو ادعته من زنا، حتى يعلم أنها كاذبة فيه، قال محمد : إن ادعته من زنا قبل قولها وحدت، وإن ادعته من زوج لم يقبل قولها فيلحقه به.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قول أبي هريرة : (والله..) إلى آخره، لا شك في تأخر إسلامه، وسورة يوسف مكية، ولعله لم يكن يحفظها يومئذ وفيها ذكرها، وهي أيضا معروفة عند أهل اللغة تذكر وتؤنث، والغالب عليها التذكير.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية