الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 470 ] القول في قوله تعالى: واذكروا الله في أيام معدودات إلى قوله تعالى: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين [الآيات: 203-220].

                                                                                                                                                                                                                                      واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنـزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما .اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [ ص: 471 ] أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم .والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 472 ] الأحكام والنسخ:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: في أيام معدودات : روى نافع عن ابن عمر : أن الأيام المعدودات، والأيام المعلومات، يجمعهن أربعة أيام: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، فاليوم الأول: معلوم غير معدود، واللذان بعده: معلومان معدودان، والرابع: معدود غير معلوم، وهذا مذهب مالك، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس، وغيره: المعدودات: أيام العشر، والمعلومات: أيام النحر.

                                                                                                                                                                                                                                      زيد بن أسلم : المعلومات: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، والمعدودات: أيام التشريق.

                                                                                                                                                                                                                                      والأمر بذكر الله تعالى عند أكثر العلماء يراد به: التكبير عند رمي الجمار، وفي أدبار الصلوات، وقد تقدم القول في أدبار الصلوات، وقد ثبت التكبير عند الرمي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من السلف الصالح.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه [ ص: 473 ] يعني: أنه يرجع مغفورا له، لم يبق عليه من آثامه شيء، قاله ابن عمر، وابن مسعود، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد، وقتادة، وغيرهما: المعنى: فمن تعجل; فلا إثم عليه في تعجيله، ومن تأخر; فلا إثم عليه في تأخيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: لمن اتقى قال ابن عمر : أبيح التعجيل لمن اتقى.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن مسعود : إنما مغفرة الذنوب لمن اتقى في حجه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: ألا يقول المتقدم للمتأخر، ولا المتأخر للمتقدم: أنت آثم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا خلاف بين العلماء أن لمن أراد الرجوع إلى بلده من غير أهل مكة أن يتعجل يوم ثالث النحر.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه أباح النفر الأول لجميع الناس إلا آل خزيمة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن حنبل وإسحاق: لأنهم آل حرم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عمر : لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة، وأهل مكة أخف.

                                                                                                                                                                                                                                      مالك : من له عذر من أهل مكة ; فله أن يتعجل، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج; فلا.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء، وغيره: هي للناس عامة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية