ولما فهم
موسى عليه السلام مرادهم مما عبر هذا النظم عن حقيقة معناه من تأكيد ضميرهم المتصل بالمنفصل وتعريف الخبر وإقحام الفصل، وكان واثقا من الله تعالى بما وعده به جاريا مع مراده، لا فرق بين أن يتقدم أو يتأخر; أجابهم إلى سؤالهم، وهو أوقع في ازدراء شأنهم، فاستأنف سبحانه الخبر عنه بقوله:
nindex.php?page=treesubj&link=25582_31907_31913_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116قال ألقوا أي: أنتم أيها السحرة ما تريدون إلقاءه، وهو أمر تعجيز.
ولما أذن لهم بادروا إلى ذلك كما أفهمه العطف بالفاء في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116فلما ألقوا أي: ما أعدوه للسحر
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116سحروا أعين الناس أي: عن صحة إدراكها حتى خيلوا إليها ما لا حقيقة له، وهي أن حبالهم وعصيهم وكانت كثيرة جدا - صارت تتحرك ويلتوي بعضها على بعض، وبعثوا جماعة ينادون: أيها الناس احذروا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116واسترهبوهم أي: وأوجدوا رهبتهم إيجاد راغب فيها طالب لها غاية الطلب.
ولما قيل ذلك، كان ربما ظن أنهم خافوا مما لا يخاف من مثله، فقال تعالى مبينا أنهم معذورون في خوفهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116وجاءوا بسحر عظيم قال صاحب كتاب الزينة:
nindex.php?page=treesubj&link=25582والسحر على وجوه كثيرة، منه الأخذ بالعين،
[ ص: 28 ] ومنه ما يفرق به بين المرء وزوجه، ومنه غير ذلك، وأصله مأخوذ من التعلل بالباطل وقلب الأمر عن وجهه كما ذكرنا من لغة العرب.
وَلَمَّا فَهِمَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرَادَهُمْ مِمَّا عَبَّرَ هَذَا النَّظْمُ عَنْ حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ مِنْ تَأْكِيدِ ضَمِيرِهِمُ الْمُتَّصِلِ بِالْمُنْفَصِلِ وَتَعْرِيفِ الْخَبَرِ وَإِقْحَامِ الْفَصْلِ، وَكَانَ وَاثِقًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا وَعَدَهُ بِهِ جَارِيًا مَعَ مُرَادِهِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ; أَجَابَهُمْ إِلَى سُؤَالِهِمْ، وَهُوَ أَوْقَعُ فِي ازْدِرَاءِ شَأْنِهِمْ، فَاسْتَأْنَفَ سُبْحَانَهُ الْخَبَرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=25582_31907_31913_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116قَالَ أَلْقُوا أَيْ: أَنْتُمْ أَيُّهَا السَّحَرَةُ مَا تُرِيدُونَ إِلْقَاءَهُ، وَهُوَ أَمْرُ تَعْجِيزٍ.
وَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ بَادَرُوا إِلَى ذَلِكَ كَمَا أَفْهَمُهُ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116فَلَمَّا أَلْقَوْا أَيْ: مَا أَعَدُّوهُ لِلسِّحْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ أَيْ: عَنْ صِحَّةِ إِدْرَاكِهَا حَتَّى خَيِّلُوا إِلَيْهَا مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَهِيَ أَنَّ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا - صَارَتْ تَتَحَرَّكُ وَيَلْتَوِي بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَبَعَثُوا جَمَاعَةً يُنَادُونَ: أَيُّهَا النَّاسُ احْذَرُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116وَاسْتَرْهَبُوهُمْ أَيْ: وَأَوْجَدُوا رَهْبَتَهُمْ إِيجَادَ رَاغِبٍ فِيهَا طَالِبٍ لَهَا غَايَةَ الطَّلَبِ.
وَلَمَّا قِيلَ ذَلِكَ، كَانَ رُبَّمَا ظُنَّ أَنَّهُمْ خَافُوا مِمَّا لَا يُخَافُ مِنْ مِثْلِهِ، فَقَالَ تَعَالَى مُبَيِّنًا أَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ فِي خَوْفِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=116وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الزِّينَةِ:
nindex.php?page=treesubj&link=25582وَالسِّحْرُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهُ الْأَخْذُ بِالْعَيْنِ،
[ ص: 28 ] وَمِنْهُ مَا يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَمِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّعَلُّلِ بِالْبَاطِلِ وَقَلْبِ الْأَمْرِ عَنْ وَجْهِهِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ.