الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6466 [ ص: 285 ] 45 - باب: قذف العبيد

                                                                                                                                                                                                                              6858 - حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن فضيل بن غزوان ، عن ابن أبي نعم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول :" من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جلد يوم القيامة ، إلا أن يكون كما قال " . [ مسلم : 1660 -

                                                                                                                                                                                                                              فتح 12 \ 185 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن أبي نعم - واسمه عبد الرحمن بن أبي نعم أبو الحكم البجلي الكوفي - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : شهدت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول :" من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جلد يوم القيامة ، إلا أن يكون كما قال " .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه الدارقطني بلفظ :" قام الحد عليه يوم القيامة " . وفي رواية :" جلده الله يوم القيامة الحد " وهو دال على النهي عن قذف العبيد والاستطالة عليهم بغير حق لإخباره - عليه السلام - أن من فعل ذلك جلد يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" إلا أن يكون كما قال ") دليل أنه لا إثم عليه في رميه عبده بما فيه ، فإن ذلك ليس من باب الغيبة المنهي عنها في الأحرار ، والعلماء مجمعون كما قال المهلب : أن الحر إذا قذف عبدا فلا حد عليه ، وحجتهم حديث الباب ، فلو وجب عليه الحد في الدنيا لذكره ، كما ذكره في الآخرة ، فجعل العبيد غير مقارنين للأحرار في ( الحرية )

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 286 ] في الدنيا ، فإذا ارتفع ملك العبد في الآخرة استوى الشريف والوضيع والعبد والحر ، ولم يكن لأحد فضل إلا بالتقى ، تكافأ الناس في الحدود والحرمة واقتص لكل واحد من صاحبه إلا أن يعفو أحد عن أحد ، وإنما لم يتكافئوا في الدنيا ؛ لئلا يدخل الداخلون على المالكين من مكافأتهم لهم ، ولا تصح لهم حرمة ، ولا فضل في منزلة ، وتبطل حكمة التسخير ؛ حكمة من الحكيم الخبير .

                                                                                                                                                                                                                              وقال مالك والشافعي : من قذف من يحسبه عبدا فإذا هو حر فعليه الحد . قال مالك ، وهو قياس قول الشافعي ، وذلك إذا قذف بعد موت السيد ، وهو قياس قول كل من لا يرى بيع أمهات الأولاد . روي عن الحسن بن أبي الحسن : أنه كان لا يرى جلد قاذف أم الولد ، ونقل عن الخوارج أن من قذف رجلا محصنا فلا حد عليه ، ومن قذف امرأة محصنة فعليه الحد .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية