الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) : أي فإن أعرضوا عن الإيمان بعد هذه الحالة التي من الله عليهم بها من إرسالك إليهم واتصافك بهذه الأوصاف الجميلة . ( فقل حسبي الله ) أي : كافي من كل شيء ، ( عليه توكلت ) أي : فوضت أمري إليه لا إلى غيره ، وقد كفاه الله شرهم ونصره عليهم ، إذ لا إله غيره . وهي آية مباركة لأنها من آخر ما نزل ، وخص العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات . وقال ابن عباس : العرش لا يقدر أحد قدره . انتهى . وذكر في معرض شرح قدرة الله وعظمته ، وكان الكفار يسمعون حديث وجود العرش وعظمته من اليهود والنصارى ، ولا يبعد أنهم كانوا سمعوا ذلك من أسلافهم . وقرأ ابن محيصن : ( العظيم ) برفع الميم صفة للرب ، ورويت عن ابن كثير . قال أبو بكر الأصم : وهذه القراءة أعجب إلي ، لأن جعل ( العظيم ) صفة لله تعالى أولى من جعله صفة للعرش . وعظم العرش بكبر جثته واتساع جوانبه على ما ذكر في الأخبار ، وعظم الرب بتقديسه عن الحجمية والأجزاء والأبعاض ، وبكمال العلم والقدرة ، وتنزيهه عن أن يتمثل في الأوهام ، أو تصل إليه الأفهام . وعن ابن عباس : آخر ما نزل ( لقد جاءكم ) إلى آخرها . وعن أبي : أقرب القرآن عهدا بالله ( لقد جاءكم ) الآيتان ، وهاتان الآيتان لم توجدا حين جمع المصحف إلا في حفظ خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، فلما جاء بها تذكرها كثير من الصحابة ، وقد كان زيد يعرفها ، ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة التوبة ، ولو لم يعرفها لم ندر هل فقد شيئا أو لا ، فإنما ثبتت الآية بالإجماع لا بخزيمة وحده . وقال عمر بن الخطاب : ما فرغ من تنزل " براءة " حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا سينزل فيه شيء . وفي كتاب أبي داود عن أبي الدرداء قال : من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ; سبع مرات ; كفاه الله تعالى ما أهمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية