الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6488 [ ص: 350 ] 9 - باب: من طلب دم امرئ بغير حق

                                                                                                                                                                                                                              6882 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن عبد الله بن أبي حسين ، حدثنا نافع بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" أبغض الناس إلى الله ثلاثة : ملحد في الحرم ، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه " . [ فتح: 12 \ 210 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" أبغض الناس إلى الله - عز وجل - ( ثلاثة ) : ملحد في الحرم ، ومبتغ في الاسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دما بغير حق ليهريق دمه " .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              المراد أبغض أهل الذنوب ممن هو من جملة ( المسلمين ) ، ولا يجوز أن يكون هؤلاء أبغض إليه من أهل الكفر ، وقد عظم الله تعالى الإلحاد في الحرم في كتابه فقال : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم [ الحج : 25 ] فاشترط أليم العذاب لمن ألحد في الحرم زائدا على عذابه لو ألحد في غير الحرم . وقيل : كل ظالم فيه ملحد .

                                                                                                                                                                                                                              وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : احتكار الطعام بمكة إلحاد .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن مسعود : مكثرهم القتل بمكة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أهل اللغة : المعنى : ومن يرد فيه إلحادا بظلم والباء زائدة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 351 ] وخالف الزجاج فقال : مذهبنا أن الباء ليست زائدة ، والمعنى : ومن أراد فيه بأن يلحد بظلم ، ومعنى الإلحاد لغة : العدل عن القصد ، ومنه سمي اللحد ، ولحد وألحد ، وخالف الأحمر فحكى : ألحد : إذا جار ، ولحد إذا عدل ، وحكى الفراء عن بعضهم : ومن يرد من الورود ، واستبعده النحاس ، قال : لأنه إنما يقال : وردته ، ولا يقال : وردت فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" ومبتغ ") ( روي ) بالغين والعين المهملة ، والذي شرحه ابن بطال الأول ؛ فقال : والمبتغي في الإسلام سنة الجاهلية فهو طلبهم بالذحول غير القاتل وقتلهم كل من وجدوه من قبله ، ومنها انتهاك المحارم ، واتباع الشهوات ؛ لأنها كانت مباحة في الجاهلية فنسخها الله تعالى بالإسلام وحرمها على المؤمنين ، وقال - عليه السلام - :" الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن " ، ومنها النياحة والطيرة والكهانة وغير ذلك ، وقد قال - عليه السلام - :" من رغب عن سنتي فليس مني " .

                                                                                                                                                                                                                              وأما إثم الدم الحرام فقد عظمه الله في غير موضع من كتابه وعلى لسان نبيه ، حتى قال بعض الصحابة : ( إن القاتل ) لا توبة له ، وقد سلف بيان مذاهب العلماء في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 352 ] فائدة :

                                                                                                                                                                                                                              ( أبغض ) هو أفعل من أبغض ، وأبغض رباعي وهو شاذ لا يقاس عليه ، ومثله ما أعدم ( من أعدم ) إذا افتقر ، وكذلك قول عمر - رضي الله عنه - في الصلاة : ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع . وإنما يقال : أفعل من كذا للمفاضلة في الفعل الثلاثي .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" ومطلب ") كذا في الأصول : وذكره ابن التين بلفظ " ومن طلب " ثم قال : أصله ( مطلب ) اسم ، مفتعل من طلب فأبدلت التاء طاء وأدغمت التاء في الطاء .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( امرؤ ) يعرب منه حرفان الراء والهمزة في أشهر اللغات .

                                                                                                                                                                                                                              وثانيها : فتح الراء على كل حال ، والإعراب في الهمزة ، ثالثها : ضم الراء على كل حال .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية