الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا ; أي : بنو إسرائيل .

                                                                                                                                                                                                                                      أوذينا ; أي : من جهة فرعون .

                                                                                                                                                                                                                                      من قبل أن تأتينا ; أي : بالرسالة ، يعنون بذلك : قتل أبنائهم قبل مولد موسى عليه الصلاة والسلام وبعده .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن بعد ما جئتنا ; أي : رسولا ، يعنون : ما توعدهم به من إعادة قتل الأبناء ، وسائر ما كان يفعل بهم لعداوة موسى عليه السلام من فنون الجور والظلم والعذاب ، وأما ما كانوا يستعبدون به ويمتهنون فيه من أنواع الخدم والمهن كما قيل ، فليس مما يلحقهم بواسطته عليه السلام ، فليس لذكره كثير ملابسة بالمقام .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ; أي : موسى عليه الصلاة والسلام ، لما رأى شدة جزعهم مما شاهدوه ، مسليا لهم بالتصريح بما لوح به في قوله : " إن الأرض لله ... " إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      عسى ربكم أن يهلك عدوكم الذي فعل بكم ما فعل وتوعدكم بإعادته .

                                                                                                                                                                                                                                      ويستخلفكم في الأرض ; أي : يجعلكم خلفاء في أرض مصر .

                                                                                                                                                                                                                                      فينظر كيف تعملون أحسنا أم قبيحا ، فيجازيكم حسبما يظهر منكم من الأعمال ، وفيه تأكيد للتسلية وتحقيق للأمر .

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : لعل الإتيان بفعل الطمع لعدم الجزم منه عليه السلام بأنهم هم المستخلفون بأعيانهم ، أو أولادهم ، فقد روي أن مصر إنما فتحت في زمن داود عليه السلام ، ولا يساعده قوله تعالى : وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ; فإن المتبادر استخلاف أنفس المستضعفين لا استخلاف أولادهم ، إنما مجيء فعل الطمع للجري على سنن الكبرياء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية