الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الاستئذان قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها روي عن ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم وقتادة قالوا : ( الاستئناس الاستئذان ) فيكون معناه : حتى تستأنسوا بالإذن .

وروى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف : حتى تستأذنوا وقال " غلط الكاتب " .

وروى القاسم بن نافع عن مجاهد : حتى تستأنسوا قال : ( هو التنحنح والتنخع ) . وفي نسق التلاوة ما دل [ ص: 165 ] على أنه أراد الاستئذان ، وهو قوله : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم

والاستئناس قد يكون للحديث كقوله تعالى : ولا مستأنسين لحديث وكما روي عن عمر في حديثه الذي ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم انفرد في مشربة له حين هجر نساءه ، فاستأذنت عليه فقال الآذن : قد سمع كلامك ، ثم أذن له ؛ فذكر أشياء وفيه قال : فقلت : أستأنس يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) . وإنما أراد به الاستئناس للحديث ، وذلك كان بعد الدخول .

والاستئناس المذكور في قوله : حتى تستأنسوا لا يجوز أن يكون المراد به الحديث ؛ لأنه لا يصل إلى الحديث إلا بعد الإذن ، وإنما المراد الاستئذان للدخول ، وإنما سمي الاستئذان استئناسا لأنهم إذا استأذنوا أو سلموا أنس أهل البيوت بذلك ، ولو دخلوا عليهم بغير إذن لاستوحشوا وشق عليهم . وأمر مع الاستئذان بالسلام ؛ إذ هو من سنة المسلمين التي أمروا بها ، ولأن السلام أمان منه لهم وهو تحية أهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة ؛ حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا يوسف بن يعقوب قال : حدثنا محمد بن أبي بكر قال : حدثنا صفوان بن عيسى قال : حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي رئاب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما خلق الله آدم فنفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله ، فقال له ربه : رحمك ربك يا آدم اذهب إلى هؤلاء الملائكة وملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم فقال سلام عليكم ورحمة الله ؛ ثم رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم .

وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا علي بن إسحاق بن رائطة قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد قال : حدثنا يحيى بن نصر بن حاجب قال : حدثنا هلال بن حماد عن زاذان عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق المسلم على المسلم ست : يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه وينصح له بالغيب ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويشهد جنازته إذا مات . وحدثنا عبد الباقي قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال : حدثنا أبو غسان النهدي قال : حدثنا زهير قال : حدثنا الأعمش عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنون حتى تحابوا ، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم .

وحدثنا عبد الباقي قال : حدثنا إسماعيل بن الفضل قال : حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا محمد بن معلى قال : حدثنا زياد بن خيثمة عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ص: 166 ] إن سركم أن يخرج الغل من صدوركم فأفشوا السلام بينكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية