الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا جاء بآبق وطلب الجعل ، فقال المالك : ما شرطت جعلا ، أو شرطته على عبد آخر ، أو ما سعيت في رده بل هو جاء بنفسه ، فالقول قول المالك ، لأن الأصل عدم الشرط وبراءته . ولو اختلفا في قدر المشروط ، تحالفا ، وللعامل أجرة المثل . وكذا لو قال المالك : شرطته على رد عبدين ، فقال الراد : بل الذي رددته فقط .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : من رد عبدي إلى شهر ، فله كذا ، قال القاضي أبو الطيب : لا يصح ، لأن تقدير المدة يخل بمقصود العقد ، فربما لا يجده فيها فيضيع عمله ولا يحصل غرض المالك ، كما لا يجوز تقدير مدة القراض .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : بع عبدي هذا ، أو اعمل كذا ، ولك عشرة دراهم ، ففي بعض التصانيف أنه إن كان العمل مضبطا مقدرا ، فهو إجارة . وإن احتاج إلى تردد ، أو كان غير مضبوط ، فهو جعالة .

                                                                                                                                                                        [ ص: 276 ] فرع

                                                                                                                                                                        لم أجده مسطورا

                                                                                                                                                                        يد العامل على ما يقع في يده إلى أن يرده يد أمانة . فلو رفع يده عن الدابة وخلاها في مضيعة ، فهو تقصير مضمن ، ونفقة العبد والدابة مدة الرد ، يجوز أن تكون كما ذكرنا في مستأجر الجمال إذا هرب الجمال وخلاها عنده ، ويجوز أن يقال : ذاك للضرورة ، وهنا أثبت العامل يده مختارا ، فليتكلف المؤنة ، ويؤيد هذا العادة .

                                                                                                                                                                        قلت : عجب قول الإمام الرافعي في نفقة المردود : لا أعلمه مسطورا ، وأنه يحتمل أمرين ، وهذا قد ذكره القاضي ابن كج في كتابه " التجريد " وهو كثير النقل عنه ، فقال : إذا أنفق عليه الراد ، فهو متبرع عندنا . وهذا الذي قاله ، ظاهر جار على القواعد . وقول الرافعي : وخلاها في مضيعة ، لا حاجة إلى التقييد بالمضيعة ، فحيث خلاها ، يضمن . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : إن أخبرتني بخروج زيد من البلد ، فلك كذا ، فأخبره ، ففي " فتاوى القفال " : أنه إن كان له غرض في خروجه ، استحق ، وإلا ، فلا ، وهذا يقتضي كونه صادقا ، وينبغي أن ينظر ، هل يناله تعب ، أم لا ؟ قلت : ومما يتعلق بالباب ، وتدعو إليه الحاجة ، ما ذكره القاضي حسين وغيره ، وهو مما لا خلاف فيه ، أنه لو كان رجلان في بادية ونحوها ، فمرض أحدهما ، وعجز عن السير ، لزم [ ص: 277 ] الآخر المقام معه ، إلا أن يخاف على نفسه ، فله تركه . وإذا أقام ، فلا أجرة له . وإذا مات ، أخذ هذا الرجل ماله وأوصله إلى ورثته ، ولا يكون مضمونا ، قال القاضي : وكذا لو غشي عليه ، قال : وأما وجوب أخذ هذا المال ، فإن كان أمينا ، ففيه قولان كاللقطة .

                                                                                                                                                                        وعندي ، أن المذهب هنا الوجوب . ومنها : ما ذكره ابن كج ، قال : إذا وجدنا عبيدا أبقوا ، فالمذهب أن الحاكم يحبسهم انتظارا لصاحبهم . فإن لم يجئ لهم صاحب ، باعهم الحاكم وحفظ ثمنهم . فإذا جاء صاحبهم ، فليس له غير الثمن . وإذا سرق الآبق ، قطع كغيره . - والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية