الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثمن ]

                                                          ثمن : الثمن والثمن من الأجزاء : - معروف - يطرد ذلك عند بعضهم في هذه الكسور ، وهي الأثمان . أبو عبيد : الثمن والثمين واحد ، وهو جزء من الثمانية ; وأنشد أبو الجراح ليزيد بن الطثرية فقال :


                                                          وألقيت سهمي وسطهم حين أوخشوا فما صار لي في القسم إلا ثمينها

                                                          أوخشوا : ردوا سهامهم في الربابة مرة بعد مرة . وثمنهم يثمنهم - بالضم - ثمنا : أخذ ثمن أموالهم . والثمانية من العدد : معروف أيضا قال : ثمان عن لفظ يمان ، وليس بنسب ، وقد جاء في الشعر غير مصروف ; حكاه سيبويه عن أبي الخطاب ; وأنشد لابن ميادة :


                                                          يخدو ثماني مولعا بلقاحها     حتى هممن بزيغة الإرتاج

                                                          قال ابن سيده : ولم يصرف ثماني لشبهها بجواري لفظا لا معنى ; ألا ترى أن أبا عثمان قال في قول الراجز :


                                                          ولاعب بالعشي بينها     كفعل الهر يحترش العظايا
                                                          فأبعده الإله ولا يؤتى     ولا يشفى من المرض الشفايا

                                                          إنه شبه ألف النصب في العظايا والشفايا بهاء التأنيث في نحو عظاية وصلاية ، يريد أنه صحح الياء وإن كانت طرفا ; لأنه شبه الألف التي تحدث عن فتحة النصب بهاء التأنيث في نحو عظاية وعباية ، فكما أن الهاء فيها صححت الياء قبلها ، فكذلك ألف النصب الذي في العظايا والشفايا صححت الياء قبلها ، قال : هذا قول ابن جني قال : وقال أبو علي الفارسي : ألف ثمان للنسب ، قال ابن جني : فقلت له : فلم زعمت أن ألف ثمان للنسب ؟ فقال : لأنها ليست بجمع مكسر [ ص: 43 ] كصحار ، قلت له : نعم ولو لم تكن للنسب للزمتها الهاء ألبتة نحو عتاهية وكراهية وسباهية ، فقال : نعم هو كذلك ، وحكى ثعلب ثمان في حد الربع ، قال :


                                                          لها ثنايا أربع حسان     وأربع فثغرها ثمان

                                                          وقد أنكروا ذلك وقالوا : هذا خطأ . الجوهري : ثمانية رجال وثماني نسوة ، وهو في الأصل منسوب إلى الثمن ; لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية ، فهو ثمنها ، ثم فتحوا أوله ; لأنهم يغيرون في النسب كما قالوا دهري وسهلي ، وحذفوا منه إحدى ياءي النسب ، وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن ، فثبتت ياؤه عند الإضافة كما ثبتت ياء القاضي ، فتقول ثماني نسوة وثماني مائة ، كما تقول قاضي عبد الله ، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر ، وتثبت عند النصب ; لأنه ليس بجمع ، فيجري مجرى جوار وسوار ، في ترك الصرف ، وما جاء في الشعر غير مصروف فهو على توهم أنه جمع ; قال ابن بري يعني بذلك قول ابن ميادة :


                                                          يحدو ثماني مولعا بلقاحها

                                                          قال : وقولهم : الثوب سبع في ثمان ، كان حقه أن يقال ثمانية ; لأن الطول يذرع بالذراع وهي مؤنثة ، والعرض يشبر بالشبر وهو مذكر ، وإنما أنثه لما لم يأت بذكر الأشبار ، وهذا كقولهم : صمنا من الشهر خمسا ، وإنما يريد بالصوم الأيام دون الليالي ، ولو ذكر الأيام لم يجد بدا من التذكير ، وإن صغرت الثمانية فأنت بالخيار ، إن شئت حذفت الألف وهو أحسن فقلت : ثمينية ، وإن شئت حذفت الياء فقلت ثمينة ، قلبت الألف ياء وأدغمت فيها ياء التصغير ، ولك أن تعوض فيهما . وثمنهم يثمنهم - بالكسر - ثمنا : كان لهم ثامنا . التهذيب : هن ثماني عشرة امرأة ، ومررت بثماني عشرة امرأة ; قال أبو منصور : وقول الأعشى :


                                                          ولقد شربت ثمانيا وثمانيا     وثمان عشرة واثنتين وأربعا

                                                          قال : ووجه الكلام بثمان عشرة - بكسر النون - لتدل الكسرة على الياء وترك فتحة الياء على لغة من يقول رأيت القاضي ، كما قال الشاعر :


                                                          كأن أيديهن بالقاع القرق

                                                          وقال الجوهري : إنما حذف الياء في قوله : وثمان عشرة على لغة من يقول طوال الأيد ، كما قال مضرس بن ربعي الأسدي :


                                                          فطرت بمنصلي في يعملات     دوامي الأيد يخبطن السريحا

                                                          قال شمر : ثمنت الشيء إذا جمعته ، فهو مثمن . وكساء ذو ثمان : عمل من ثمان جزات ; قال الشاعر في معناه :


                                                          سيكفيك المرحل ذو ثمان     خصيف تبرمين له جفالا

                                                          وأثمن القوم : صاروا ثمانية . وشيء مثمن : جعل له ثمانية أركان . والمثمن من العروض : ما بني على ثمانية أجزاء . والثمن : الليلة الثامنة من أظماء الإبل . وأثمن الرجل إذا وردت إبله ثمنا ، وهو ظمء من أظمائها . والثمانون من العدد : معروف وهو من الأسماء التي قد يوصف بها ; أنشد سيبويه قول الأعشى :


                                                          لئن كنت في جب ثمانين قامة     ورقيت أسباب السماء بسلم

                                                          وصف بالثمانين وإن كان اسما ; لأنه في معنى طويل . الجوهري : وقولهم : هو أحمق من صاحب ضأن ثمانين ، وذلك أن أعرابيا بشر كسرى ببشرى سر بها ، فقال : اسألني ما شئت ، فقال : أسألك ضأنا ثمانين ، قال ابن بري : الذي رواه أبو عبيدة أحمق من طالب ضأن ثمانين ، وفسره بما ذكره الجوهري ، قال : والذي رواه ابن حبيب أحمق من راعي ضأن ثمانين ، وفسره بأن الضأن تنفر من كل شيء ; فيحتاج كل وقت إلى جمعها ، قال : وخالف الجاحظ الروايتين ، قال : وإنما هو أشقى من راعي ضأن ثمانين ، وذكر في تفسيره ; لأن الإبل تتعشى وتربض حجرة تجتر ، وأن الضأن يحتاج راعيها إلى حفظها ومنعها من الانتشار ، ومن السباع الطالبة لها ; لأنها لا تبرك كبروك الإبل فيستريح راعيها ، ولهذا يتحكم صاحب الإبل على راعيها ما لا يتحكم صاحب الضأن على راعيها ; لأن شرط صاحب الإبل على الراعي أن عليك أن تلوط حوضها ، وترد نادها ، ثم يدك مبسوطة في الرسل ما لم تنهك حلبا أو تضر بنسل ، فيقول : قد التزمت شرطك على ألا تذكر أمي بخير ولا شر ، ولك حذفي بالعصا عند غضبك ، أصبت أم أخطأت ، ولي مقعدي من النار وموضع يدي من الحار والقار ، وأما ابن خالويه فقال في قولهم : أحمق من طالب ضأن ثمانين : إنه رجل قضى للنبي - صلى الله عليه وسلم - حاجته فقال : ائتني المدينة ، فجاءه فقال : أيما أحب إليك : ثمانون من الضأن أم أسأل الله أن يجعلك معي في الجنة ، فقال : بل ثمانون من الضأن ، فقال : أعطوه إياها ، ثم قال : إن صاحبة موسى كانت أعقل منك ، وذلك أن عجوزا دلته على عظام يوسف - عليه السلام - فقال لها موسى - عليه السلام - : أيما أحب إليك أن أسأل الله أن تكوني معي في الجنة أم مائة من الغنم ؟ فقالت : بل الجنة . والثماني : موضع به هضبات ; قال ابن سيده : أراها ثمانية ; قال رؤبة :


                                                          أو أخدريا بالثماني سوقها

                                                          وثمينة : موضع ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          بأصدق بأسا من خليل ثمينة     وأمضى إذا ما أفلط القائم اليد

                                                          والثمن : ما تستحق به الشيء . والثمن : ثمن البيع ، وثمن كل شيء قيمته . وشيء ثمين أي : مرتفع الثمن . قال الفراء في قوله - عز وجل - : ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ; قال : كل ما كان في القرآن من هذا الذي قد نصب فيه الثمن وأدخلت الباء في المبيع أو المشترى فإن ذلك أكثر ما يأتي في الشيئين لا يكونان ثمنا معلوما مثل الدنانير والدراهم ، فمن ذلك اشتريت ثوبا بكساء ، أيهما شئت تجعله ثمنا لصاحبه ; لأنه ليس [ ص: 44 ] من الأثمان وما كان ليس من الأثمان مثل الرقيق والدور وجميع العروض فهو على هذا ، فإذا جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثمن ، كما قال في سورة يوسف : وشروه بثمن بخس دراهم ; لأن الدراهم ثمن أبدا ، والباء إنما تدخل في الأثمان ، وكذلك قوله : اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة والعذاب بالمغفرة ; فأدخل الباء في أي هذين شئت حتى تصير إلى الدراهم والدنانير ; فإنك تدخل الباء فيهن مع العروض ، فإذا اشتريت أحد هذين - يعني الدنانير والدراهم - بصاحبه أدخلت الباء في أيهما شئت ; لأن كل واحد منهما في هذا الموضع مبيع وثمن ، فإذا أحببت أن تعرف فرق ما بين العروض والدراهم ; فإنك تعلم أن من اشترى عبدا بألف دينار أو ألف درهم معلومة ثم وجد به عيبا فرده لم يكن على المشتري أن يأخذ ألفه بعينها ، ولكن ألفا ، ولو اشترى عبدا بجارية ثم وجد به عيبا لم يرجع بجارية أخرى مثلها ، وذلك دليل على أن العروض ليست بأثمان . وفي حديث بناء المسجد : ثامنوني بحائطكم أي : قرروا معي ثمنه ، وبيعونيه بالثمن . يقال : ثامنت الرجل في المبيع أثامنه إذا قاولته في ثمنه ، وساومته على بيعه واشترائه . وقوله تعالى : واشتروا به ثمنا قليلا ; قيل معناه قبلوا على ذلك الرشى ، وقامت لهم رياسة ، والجمع أثمان وأثمن ، لا يتجاوز به أدنى العدد ; قال زهير في ذلك :


                                                          من لا يذاب له شحم السديف إذا     زار الشتاء وعزت أثمن البدن

                                                          ومن روى أثمن البدن بالفتح أراد أكثرها ثمنا وأنث على المعنى ، ومن رواه بالضم فهو جمع ثمن ، مثل زمن وأزمن ، ويروى : شحم النصيب يريد نصيبه من اللحم ; لأنه لا يدخر له منه نصيبا ، وإنما يطعمه ، وقد أثمن له سلعته وأثمنه . قال الكسائي : وأثمنت الرجل متاعه ، وأثمنت له بمعنى واحد . والمثمنة : المخلاة ; حكاها اللحياني عن ابن سنبل العقيلي . والثماني : نبت ; لم يحكه غير أبي عبيد . الجوهري : ثمانية اسم موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية