[ ص: 388 ] سورة التوبة
براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين
فصل في نزولها
هي مدنية بإجماعهم ، سوى الآيتين في آخرها لقد جاءكم رسول من أنفسكم فإنها نزلت بمكة . روى في "صحيحه" من حديث البخاري قال: آخر سورة نزلت براءة وقد نقل عن بعض البراء العرب أنه سمع قارئا يقرأ هذه السورة ، فقال الأعرابي: إني لأحسب هذه من آخر ما نزل من القرآن . قيل له: ومن أين علمت! فقال: إني لأسمع عهودا تنبذ ، ووصايا تنفذ .
فصل
واختلفوا في أول ما نزل من براءة على ثلاثة أقوال .
أحدها: أن أول ما نزل منها قوله: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة [التوبة:25] ، قاله مجاهد .
[ ص: 389 ] والثاني: انفروا خفافا وثقالا [التوبة:41] ، قاله أبو الضحى ، وأبو مالك .
والثالث: إلا تنصروه [التوبة:40] قاله . وهذا الخلاف إنما هو في أول ما نزل منها بالمدينة ، فإنهم قد قالوا: نزلت الآيتان اللتان في آخرها مقاتل بمكة .
فصل
ولها تسعة أسماء . أحدها: سورة التوبة . والثاني: براءة; وهذان مشهوران بين الناس . والثالث: سورة العذاب ، قاله والرابع: المقشقشة ، قاله حذيفة . والخامس: سورة البحوث ، لأنها بحثت عن سرائر المنافقين ، قاله ابن عمر . المقداد بن الأسود . والسادس: الفاضحة ، لأنها فضحت المنافقين ، قاله والسابع: المبعثرة ، لأنها بعثرت أخبار الناس ، وكشفت عن سرائرهم ، قاله ابن عباس . الحارث بن يزيد ، والثامن: المثيرة لأنها أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم ، قاله وابن إسحاق . والتاسع: الحافرة ، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين ، قاله قتادة . . الزجاج
فصل
وفي سبب امتناعهم من كتابة التسمية في أولها ثلاثة أقوال .
أحدها: رواه قال: قلت ابن عباس ، ما حملكم على أن عمدتم إلى (الأنفال) وهي من المثاني ، وإلى (براءة) وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم ؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان:
[ ص: 390 ] إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب ، فيقول: "ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا" ، وكانت [الأنفال] من أوائل ما نزل بالمدينة ، (وبراءة) من آخر القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها; وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبين لنا أنها منها ، فظننا أنها منها; فمن ثم قرنت بينهما: ولم أكتب بينهما بسم الله الرحمن الرحيم وذكر نحو هذا المعنى عن قال أبي بن كعب . : والشبه الذي بينهما ، أن في (الأنفال) ذكر العهود ، وفي (براءة) نقضها . وكان الزجاج يقول: هما سورة واحدة . قتادة
والثاني: رواه قال: قلت لأبي: لم لم تكتبوا في (براءة) بسم الله الرحمن الرحيم فقال: يا بني ، إن (براءة) نزلت بالسيف ، وإن بسم الله الرحمن الرحيم أمان . وسئل محمد بن الحنفية ، عن هذا ، فقال: لأن سفيان بن عيينة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت في المنافقين . التسمية رحمة
والثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما كتب في صلح الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم لم يقبلوها وردوها ، فما ردها الله عليهم ، قاله عبد العزيز بن يحيى المكي .
فصل
فأما سبب نزولها ، فقال المفسرون: أخذت العرب تنقض عهودا بنتها مع [ ص: 391 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم ، فأنزل (براءة) في سنة ، تسع فبعث رسول الله أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج في تلك السنة ، وبعث معه صدرا من (براءة) ليقرأها على أهل الموسم ، فلما سار ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ، فقال: "اخرج بهذه القصة من صدر (براءة) وأذن في الناس بذلك" فخرج علي على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر فرجع أبا بكر ، أبو بكر فقال: يا رسول الله ، أنزل في شأني شيء؟ قال: "لا ، ولكن لا يبلغ عني إلا رجل مني أما ترضى أنك كنت صاحبي في الغار ، وأنك صاحبي على الحوض"؟ قال: بلى يا رسول الله . فسار أبو بكر أميرا على الحج ، وسار علي ليؤذن بـ (براءة) .
فصل
وفي عدد الآيات التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول (براءة) خمسة أقوال . أحدها: أربعون آية ، قاله علي عليه السلام . والثاني: ثلاثون آية ، قاله والثالث: عشر آيات ، قاله أبو هريرة . عن أبو صالح والرابع: سبع آيات ، رواه ابن عباس . عن ابن جريج والخامس: تسع آيات ، قاله عطاء . . مقاتل
فصل
فإن توهم متوهم أن في أخذ (براءة) من أبي بكر ، وتسليمها إلى علي ، تفضيلا على لعلي أبي بكر ، فقد جهل; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجرى العرب في ذلك على عادتهم . قال : وقد جرت عادة الزجاج العرب في عقد عهدها ونقضها ، أن [ ص: 392 ] يتولى ذلك على القبيلة رجل منها; وجائز أن تقول العرب إذا تلا عليها نقض العهد من ليس من رهط النبي صلى الله عليه وسلم: هذا خلاف ما نعرف فينا في نقض العهود ، فأزاح النبي صلى الله عليه وسلم العلة بما فعل . وقال عمرو بن بحر: ليس هذا بتفضيل على لعلي أبي بكر ، وإنما عاملهم بعادتهم المتعارفة في حل العقد ، وكان لا يتولى ذلك إلا السيد منهم ، أو رجل من رهطه دنيا ، كأخ ، أو عم; وقد كان أبو بكر في تلك الحجة الإمام ، وعلي يأتم به وأبو بكر الخطيب ، يسمع . وقال وعلي بعثني أبو هريرة: أبو بكر في تلك الحجة مع المؤذنين الذين بعثهم يؤذنون بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان; فأذن معنا علي بـ (براءة) وبذلك الكلام . وقال الشعبي: يؤذن بأربع كلمات: "ألا لا يحج بعد العام مشرك ، ألا ولا يطوف بالبيت عريان ، ألا ولا يدخل الجنة إلا مسلم ، ألا ومن كانت بينه وبين عليا محمد مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله" . بعث رسول الله
فصل
فأما التفسير ، ف قوله تعالى: براءة قال هي مرفوعة بإضمار "هذه" ومثله (سورة أنزلناها)[النور:2] . وقال الفراء: : يقال: برئت من الرجل والدين براءة ، وبرئت من المرض; وبرأت أيضا أبرأ برءا وقد رووا: برأت أبرؤ بروءا ولم نجد في ما لامه همزة: فعلت أفعل ، إلا هذا الحرف . ويقال: بريت القلم ، وكل شيء نحته: أبريه بريا ، غير مهموز . وقرأ الزجاج أبو رجاء ، ومورق ، "براءة" بالنصب . قال المفسرون: والبراءة هاهنا: قطع الموالاة ، وابن يعمر:
[ ص: 393 ] وارتفاع العصمة ، وزوال الأمان . والخطاب في قوله: إلى الذين عاهدتم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه هو الذي كان يتولى المعاهدة ، وأصحابه راضون; فكأنهم بالرضا عاهدوا أيضا; وهذا عام في كل من عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال هم ثلاثة أحياء من مقاتل: العرب: خزاعة ، وبنو مدلج ، وبنو جذيمة .
تفسير سورة التوبة
- تفسير قوله تعالى براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين
- تفسير قوله تعالى فسيحوا في الأرض أربعة أشهر
- تفسير قوله تعالى وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر
- تفسير قوله تعالى إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم
- تفسير قوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين
- تفسير قوله تعالى وإن أحد من المشركين استجارك فأجره
- تفسير قوله تعالى كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله
- تفسير قوله تعالى كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم الا ولا ذمة
- تفسير قوله تعالى إشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله
- تفسير قوله تعالى وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم
- تفسير قوله تعالى ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول
- تفسير قوله تعالى أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا
- تفسير قوله تعالى ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين
- تفسير قوله تعالى أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وأخوانكم
- تفسير قوله تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم
- تفسير قوله تعالى لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين
- تفسير قوله تعالى ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس
- تفسير قوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله
- تفسير قوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى
- تفسير قوله تعالى يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله
- تفسير قوله تعالى هو الذي أرسل رسوله بالهدى
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان
- تفسير قوله تعالى يوم يحمى عليهم في نار جهنم فتكوى بها جباههم
- تفسير قوله تعالى إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا
- تفسير قوله تعالى إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا
- تفسير قوله تعالى إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم
- تفسير قوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله
- تفسير قوله تعالى انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم
- تفسير قوله تعالى لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك
- تفسير قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك
- تفسير قوله تعالى لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر
- تفسير قوله تعالى ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة
- تفسير قوله تعالى لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور
- تفسير قوله تعالى ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني
- تفسير قوله تعالى إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة
- تفسير قوله تعالى قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين
- تفسير قوله تعالى قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم
- تفسير قوله تعالى وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم
- تفسير قوله تعالى فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله
- تفسير قوله تعالى ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم
- تفسير قوله تعالى ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا
- تفسير قوله تعالى ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله
- تفسير قوله تعالى ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن
- تفسير قوله تعالى يحلفون بالله ليرضوكم والله ورسوله أحق
- تفسير قوله تعالى ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله
- تفسير قوله تعالى يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم
- تفسير قوله تعالى ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب
- تفسير قوله تعالى المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر
- تفسير قوله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف
- تفسير قوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين
- تفسير قوله تعالى يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر
- تفسير قوله تعالى ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن
- تفسير قوله تعالى فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا
- تفسير قوله تعالى فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه
- تفسير قوله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات
- تفسير قوله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم
- تفسير قوله تعالى فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله
- تفسير قوله تعالى فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء
- تفسير قوله تعالى فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك
- تفسير قوله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا
- تفسير قوله تعالى ولا تعجبك أموالهم وأولادهم
- تفسير قوله تعالى وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم
- تفسير قوله تعالى ليس على الضعفاء ولا على المرضى
- تفسير قوله تعالى يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا
- تفسير قوله تعالى سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا
- تفسير قوله تعالى الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر
- تفسير قوله تعالى ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما
- تفسير قوله تعالى ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر
- تفسير قوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار
- تفسير قوله تعالى وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة
- تفسير قوله تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا
- تفسير قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها
- تفسير قوله تعالى الم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة
- تفسير قوله تعالى وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم
- تفسير قوله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا
- تفسير قوله تعالى لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى
- تفسير قوله تعالى أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان
- تفسير قوله تعالى لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم
- تفسير قوله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
- تفسير قوله تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون
- تفسير قوله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين
- تفسير قوله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم
- تفسير قوله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار
- تفسير قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونا مع الصادقين
- تفسير قوله تعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب
- تفسير قوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار
- تفسير قوله تعالى وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم
- تفسير قوله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم
- تفسير قوله تعالى فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو