الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد اختلف الفقهاء في التخيير : هل هو تمليك ، أو توكيل ، أو بعضه تمليك ، وبعضه توكيل ، أو هو تطليق منجز ، أو لغو لا أثر له البتة ؟ على مذاهب خمسة .

التفريق هو مذهب أحمد ومالك . قال أبو الخطاب في " رءوس المسائل " : هو تمليك يقف على القبول ، وقال صاحب " المغني " فيه : إذا قال أمرك بيدك ، أو اختاري ، فقالت قبلت ، لم يقع شيء ؛ لأن " أمرك بيدك " توكيل ، فقولها في جوابه قبلت ، ينصرف إلى قبول الوكالة ، فلم يقع شيء ، كما لو قال لأجنبية : أمر امرأتي بيدك ، فقالت : قبلت ، وقوله اختاري : في معناه ، وكذلك [ ص: 264 ] إن قالت : أخذت أمري ، دخل عليهما أحمد في رواية إبراهيم بن هانئ إذا قال لامرأته : أمرك بيدك ، فقالت : قبلت ، ليس بشيء ، حتى يتبين ، وقال : إذا قالت أخذت أمري ، ليس بشيء ، قال : وإذا قال لامرأته اختاري ، فقالت قبلت نفسي ، أو اخترت نفسي ، كان أبين . انتهى . وفرق مالك بين " اختاري ، " وبين " أمرك بيدك ، " فجعل " أمرك بيدك " تمليكا ، و " اختاري " تخييرا لا تمليكا . قال أصحابه : وهو توكيل .

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنه تمليك ، وهو الصحيح عند أصحابه ، والثاني : أنه توكيل وهو القديم ، وقالت الحنفية : تمليك .

وقال الحسن ، وجماعة من الصحابة : هو تطليق تقع به واحدة منجزة ، وله رجعتها ، وهي رواية ابن منصور عن أحمد .

وقال أهل الظاهر وجماعة من الصحابة : لا يقع به طلاق ، سواء اختارت نفسها ، أو اختارت زوجها ، ولا أثر للتخيير في وقوع الطلاق . ونحن نذكر مآخذ هذه الأقوال على وجه الإشارة إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية