الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [73] وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      وإلى ثمود " أي: وأرسلنا إلى ثمود ، وهي قبيلة أخرى من العرب سموا باسم جدهم ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح ، وهو أخو جديس بن عابر . وكذلك قبيلة طسم ، كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة ، قبل إبراهيم الخليل عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وكانت ثمود بعد عاد ، [ ص: 2783 ] ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله. وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع -نقله ابن كثير -.

                                                                                                                                                                                                                                      وثمود كصبور، وتضم ثاؤه، وقرئ به أيضا، وقرئ بصرفه ومنعه، أما الثاني فلأنه اسم القبيلة، ففيه العلمية والتأنيث. وأما الأول فلأنه اسم للحي، أو لأنه لما كان اسمها الجد أو القليل من الماء كان مصروفا، لأنه علم مذكر، أو اسم جنس، فبعد النقل حكي أصله. كذا في (العناية).

                                                                                                                                                                                                                                      أخاهم صالحا " هو -على ما قاله علماء التفسير والنسب-: ابن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود : قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره دعاهم عليه الصلاة والسلام بما يدعو به الرسل أجمعون، وهو عبادة الله وحده لا شريك له. كما قال تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وقال: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت قد جاءتكم بينة من ربكم أي حجة ظاهرة للدلالة على صحة نبوتي هذه ناقة الله لكم آية أي خلقها حجة وعلامة على رسالتي، وأضافها إليه تفضيلا وتخصيصا ك (بيت الله) ، أو لأنه لا مالك لها غيره تعالى، أو لأنها حجته عليهم في أنهم، إن حفظوها وأطلقوا لها رعيها وسقيها حفظوا، وإن غدروا بها أهلكوا، ولذا قال: فذروها تأكل في أرض الله أي التي لا يملكها غيره، العشب: ولا تمسوها بسوء أي: لا تضربوها ولا تطرودها، ولا تريبوها بشيء من الأذى، ولو تأذت منها دوابكم، إكراما لآية الله فيأخذكم عذاب أليم أي: في الدارين لجرأتكم على آيات الله.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2784 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية