الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة

                                                                                                                                                                                                        5615 حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني عمر هو ابن محمد عن سالم عن أبيه قال وعد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل فراث عليه حتى اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فشكا إليه ما وجد فقال له إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ) تقدم البحث في المراد بالصورة في " باب التصاوير " وقال القرطبي في " المفهم " إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصورة لأن متخذها قد تشبه بالكفار لأنهم يتخذون [ ص: 406 ] الصور في بيوتهم ويعظمونها فكرهت الملائكة ذلك فلم تدخل بيته هجرا له لذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عمر بن محمد ) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر ، وسالم شيخه هو عم أبيه وهو ابن عبد الله بن عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وعد جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - ) زادت عائشة " في ساعة يأتيه فيها " أخرجه مسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فراث عليه ) بالمثلثة أي أبطأ ، وفي حديث عائشة " فجاءت تلك الساعة ولم يأته " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى اشتد على النبي - صلى الله عليه وسلم - ) في حديث عائشة " وفي يده عصا فألقاها من يده وقال : ما يخلف الله وعده ولا رسله وفي حديث ميمونة عند مسلم نحو حديث عائشة وفيه " أنه أصبح واجما " بالجيم أي منقبضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلقيه فشكا إليه ما وجد ) أي من إبطائه ( فقال له : إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب ) في هذا الحديث اختصار ، وحديث عائشة أتم ففيه " ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره فقال : يا عائشة متى دخل هذا الكلب ؟ فقالت : وايم الله ما دريت . ثم أمر به فأخرج ، فجاء جبريل ، فقال : واعدتني فجلست لك فلم تأت . فقال : منعني الكلب الذي كان في بيتك " وفي حديث ميمونة " فظل يومه على ذلك ، ثم وقع في نفسه جرو كلب فأمر به فأخرج ، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه ، فلما أمسى لقيه جبريل " وزاد فيه الأمر بقتل الكلاب . وحديث أبي هريرة في السنن وصححه الترمذي وابن حبان أتم سياقا منه ولفظه أتاني جبريل فقال : أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل ، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل ، وكان في البيت كلب ، فمر برأس التمثال الذي على باب البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن ، ومر بالكلب فليخرج ، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وفي رواية النسائي إما أن تقطع رءوسها أو تجعل بسطا توطأ وفي هذا الحديث ترجيح قول من ذهب إلى أن الصورة التي تمتنع الملائكة من دخول المكان التي تكون فيه باقية على هيئتها مرتفعة غير ممتهنة ، فأما لو كانت ممتهنة أو غير ممتهنة لكنها غيرت من هيئتها إما بقطعها من نصفها أو بقطع رأسها فلا امتناع ، وقال القرطبي : ظاهر حديث زيد بن خالد عن أبي طلحة الماضي قيل إن الملائكة لا تمتنع من دخول البيت الذي فيه صورة إن كانت رقما في الثوب ، وظاهر حديث عائشة المنع ويجمع بينهما بأن يحمل حديث عائشة على الكراهة وحديث أبي طلحة على مطلق الجواز وهو لا ينافي الكراهة . قلت : وهو جمع حسن ; لكن الجمع الذي دل عليه حديث أبي هريرة أولى منه ، والله - تعالى - أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية