[
nindex.php?page=treesubj&link=20702إحاطة الأوامر الشرعية بأفعال المكلفين ]
وهذه الجملة إنما تنفصل بعد تمهيد قاعدتين عظيمتين : إحداهما : أن الذكر الأمري محيط بجميع أفعال المكلفين أمرا ونهيا وإذنا وعفوا ، كما أن الذكر القدري محيط بجميعها علما وكتابة وقدرا ، فعلمه وكتابه وقدره قد أحصى جميع أفعال عباده الواقعة تحت التكليف وغيرها ، وأمره ونهيه وإباحته وعفوه قد أحاط بجميع أفعالهم التكليفية ، فلا يخرج فعل من أفعالهم عن أحد الحكمين : إما الكوني ، وإما الشرعي الأمري ، فقد بين الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به وجميع ما نهى عنه وجميع ما أحله وجميع ما حرمه وجميع ما عفا عنه ، وبهذا يكون دينه كاملا كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } ولكن قد يقصر فهم أكثر الناس عن فهم ما دلت عليه النصوص وعن وجه الدلالة وموقعها ، وتفاوت الأمة في مراتب الفهم عن الله ورسوله لا يحصيه إلا الله ، ولو كانت الأفهام متساوية لتساوت أقدام العلماء في العلم ، ولما خص - سبحانه -
سليمان بفهم الحكومة في الحرث ، وقد أثنى عليه وعلى
داود بالعلم والحكم . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لأبي موسى في كتابه إليه " الفهم الفهم فيما أدلي إليك " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي " إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد : كان
أبو بكر أعلمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40141ودعا النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=11لعبد الله بن عباس أن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل ، } والفرق بين الفقه والتأويل أن الفقه هو فهم المعنى المراد ، والتأويل إدراك الحقيقة التي يئول إليها المعنى التي هي أخيته وأصله ، وليس كل من فقه في الدين عرف التأويل ، فمعرفة التأويل يختص به الراسخون في العلم ، وليس المراد به تأويل التحريف وتبديل المعنى ; فإن الراسخين في العلم يعلمون بطلانه والله يعلم بطلانه
[
nindex.php?page=treesubj&link=20702إحَاطَةُ الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ ]
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ إنَّمَا تَنْفَصِلُ بَعْدَ تَمْهِيدِ قَاعِدَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : أَنَّ الذِّكْرَ الْأَمْرِيَّ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ أَمْرًا وَنَهْيًا وَإِذْنًا وَعَفْوًا ، كَمَا أَنَّ الذِّكْرَ الْقَدَرِيَّ مُحِيطٌ بِجَمِيعِهَا عِلْمًا وَكِتَابَةً وَقَدَرًا ، فَعِلْمُهُ وَكِتَابُهُ وَقَدَرُهُ قَدْ أَحْصَى جَمِيعَ أَفْعَالِ عِبَادِهِ الْوَاقِعَةِ تَحْتَ التَّكْلِيفِ وَغَيْرَهَا ، وَأَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَإِبَاحَتُهُ وَعَفْوُهُ قَدْ أَحَاطَ بِجَمِيعِ أَفْعَالِهِمْ التَّكْلِيفِيَّةِ ، فَلَا يَخْرُجُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِهِمْ عَنْ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ : إمَّا الْكَوْنِيَّ ، وَإِمَّا الشَّرْعِيَّ الْأَمْرِيَّ ، فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِكَلَامِهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ جَمِيعَ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَجَمِيعَ مَا نَهَى عَنْهُ وَجَمِيعَ مَا أَحَلَّهُ وَجَمِيعَ مَا حَرَّمَهُ وَجَمِيعَ مَا عَفَا عَنْهُ ، وَبِهَذَا يَكُونُ دِينُهُ كَامِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } وَلَكِنْ قَدْ يَقْصُرُ فَهْمُ أَكْثَرِ النَّاسِ عَنْ فَهْمِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ وَعَنْ وَجْهِ الدَّلَالَةِ وَمَوْقِعِهَا ، وَتَفَاوُتُ الْأُمَّةِ فِي مَرَاتِبِ الْفَهْمِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَفْهَامُ مُتَسَاوِيَةً لَتَسَاوَتْ أَقْدَامُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعِلْمِ ، وَلَمَا خَصَّ - سُبْحَانَهُ -
سُلَيْمَانَ بِفَهْمِ الْحُكُومَةِ فِي الْحَرْثِ ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ وَعَلَى
دَاوُد بِالْعِلْمِ وَالْحُكْمِ . وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ لِأَبِي مُوسَى فِي كِتَابِهِ إلَيْهِ " الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أُدْلِيَ إلَيْكَ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ " إلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدًا فِي كِتَابِهِ " ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبُو سَعِيدٍ : كَانَ
أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40141وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=11لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ وَيُعَلِّمَهُ التَّأْوِيلَ ، } وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالتَّأْوِيلِ أَنَّ الْفِقْهَ هُوَ فَهْمُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ ، وَالتَّأْوِيلُ إدْرَاكُ الْحَقِيقَةِ الَّتِي يَئُولُ إلَيْهَا الْمَعْنَى الَّتِي هِيَ أَخِيَّتُهُ وَأَصْلُهُ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ فَقِهَ فِي الدِّينِ عَرَفَ التَّأْوِيلَ ، فَمَعْرِفَةُ التَّأْوِيلِ يَخْتَصُّ بِهِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَأْوِيلَ التَّحْرِيفِ وَتَبْدِيلَ الْمَعْنَى ; فَإِنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ بُطْلَانَهُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ