الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة في قائل ذلك من الكفار قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 144 ] أحدهما : أنهم كفار قريش ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهم اليهود حين رأوا نزول القرآن مفرقا ، قالوا : هلا أنزل عليه جملة واحدة ، كما أنزلت التوراة على موسى .

                                                                                                                                                                                                                                        كذلك لنثبت به فؤادك فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : لنشجع به قلبك ، لأنه معجز يدل على صدقك ، وهو معنى قول السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : معناه كذلك أنزلناه مفرقا لنثبته في فؤادك . وفيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : لأنه كان أميا ولم ينزل القرآن عليه مكتوبا ، فكان نزوله مفرقا أثبت في فؤاده ، وأعلق بقلبه .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لنثبت فؤادك باتصال الوحي ومداومة نزول القرآن ، فلا تصير بانقطاع الوحي مستوحشا .

                                                                                                                                                                                                                                        ورتلناه ترتيلا فيه خمسة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : ورسلناه ترسيلا ، شيئا بعد شيء ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : وفرقناه تفريقا ، قاله إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : وفصلناه تفصيلا ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : وفسرناه تفسيرا ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : وبيناه تبيينا ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        روي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ابن عباس إذا قرأت القرآن فرتله ترتيلا فقلت وما الترتيل؟ ، قال : بينه تبيينا ولا تبتره بتر الدقل ، ولا تهذه هذ الشعر ولا يكون هم أحدكم آخر السورة .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 145 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية