الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 149 ] 6 - باب: رؤيا يوسف

                                                                                                                                                                                                                              وقوله تعالى : إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا إلى قوله عليم حكيم . [يوسف : 4 - 6 ] . وقوله تعالى : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل إلى قوله : وألحقني بالصالحين [يوسف : 100 - 101 ] . فاطر والبديع والمبتدع والبارئ والخالق واحد ، من البدء : بادئة . [فتح: 12 \ 376 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              رؤيا يوسف - عليه السلام - حق ووحي من الله كرؤيا سائر الأنبياء ، ألا ترى قول يوسف لأبيه يعقوب - عليهما السلام - : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا والأحد عشر كوكبا إخوته أنبياء يستضاء بهم كما يستضاء بالكواكب ، والقمر أبوه والشمس أمه . قاله ابن عباس والضحاك ، ونقله ابن التين عن قتادة أيضا ، ثم قال : وقال غيرهما أبوه وخالته . ونقل ابن بطال هذا عن قتادة ، وأخبر الله تعالى عن الكواكب والشمس والقمر كما يخبر عمن يعقل رأيتهم لي ساجدين إذ تفسيرها فيمن يعقل .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن سليمان قال : كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة . وكذا قال عبد الله بن شداد بن الهادي قال : وذلك منتهى الرؤيا وقيل : بعد ثمانين .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ويعلمك من تأويل الأحاديث . قال مجاهد : تأويل الرؤيا . وقال غيره : أي أخبار الأمم ، ثم قال : ويتم نعمته عليك فأخبر أنه [ ص: 150 ] يكون نبيا بقوله : كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق . والبدو : أصحاب العمود والخيمة والخباء . قال الحسن : كان بين مفارقة يوسف أباه واجتماعهما ثمانون سنة لا يهدأ فيها ساعة من البكاء . وليس حينئذ أحد أكرم على الله من يعقوب - عليه السلام - . وألقي في الجب وهو ابن السبع عشرة سنة ، وعاش بعد إلقائه ثلاثا وعشرين سنة ، ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : وعلمتني من تأويل الأحاديث يجوز أن تكون (من ) هنا للتبعيض ، نظيره : وتله للجبين [الصافات : 153 ] يريد وضع بعض وجهه وهو الجبين ؛ لأنه من الوجه ، وعبارة "الصحاح " ، أي : مرغه كما تقول كبه لوجهه .

                                                                                                                                                                                                                              وقول يعقوب له صلى الله وسلم عليهما : لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا . قال له ذلك لما علم من تأويل الرؤيا ، فخاف أن يحسدوه ، وكان تبين له الحسد منهم له . وهذا أصل أن لا تقصص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح ، (ولا تقص ) على من لا يحسن التأويل ، وقد أسلفنا حديثين في ذلك .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية