الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 385 ] عمر بن ذر ( خ ، د ، ت ، س )

                                                                                      ابن عبد الله بن زرارة ، الإمام الزاهد العابد أبو ذر الهمداني ، ثم المرهبي الكوفي .

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي بن المؤيد ، أنبأنا زيد بن يحيى ، أنبأنا أحمد بن قفرجل ، أنبأنا محمد بن الحسن بن أبي عثمان ( خ ) وقرأت بالثغر على محمد بن أبي القاسم الصقلي ، أنبأنا يوسف بن عبد المعطي ، وابن رواج ، أنبأنا محمد بن عبد الكريم ، وزينب بنت يحيى قالا : أنبأنا ابن رواحة ، وأنبأنا عيسى بن أبي محمد ، أنبأنا علي بن محمود ، وأنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا جعفر بن علي ، وأنبأنا محمد بن يوسف النحوي ، أنبأنا عبد الوهاب بن رواج قالوا جميعا : أنبأنا أحمد بن محمد الحافظ ، وأنبأنا محمد بن علي الواسطي ، أنبأنا أبو محمد بن قدامة سنة عشرين وست مائة .

                                                                                      أنبأنا المبارك بن محمد الباذرائي ، ومحمد بن عبد الباقي بن البطي ، وأنبأنا علي بن عبد الغني ، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف ، أنبأنا ابن البطي ، وأنبأنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الرحمن القطيعي ، أنبأنا المبارك الباذرائي ، وأنبأنا الأبرقوهي ، أنبأنا مرتضى بن حاتم ، أنبأنا أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ ، قالوا : أنبأنا نصر بن أحمد القاري ، قال هو وابن أبي عثمان : أنبأنا عبد الله بن عبيد الله بن البيع ، أنبأنا الحسين بن إسماعيل القاضي ، حدثنا الحسن بن مكرم ، حدثنا محمد بن كناسة ، حدثنا عمر بن ذر ، عن يزيد الفقير ، أن ابن عمر كان إذا غشيه الصبح وهو مسافر ينادي : سمع سامع بحمد الله ونعمته [ ص: 386 ] علينا ، وحسن بلائه علينا ، اللهم صاحبنا فأفضل علينا ، عائذا بالله من جهنم . ثلاث مرات . هذا موقوف تفرد به عمر بن ذر .

                                                                                      وقد حدث عن أبيه ، وأبي وائل ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومعاذة العدوية ، وعطاء بن أبي رباح ، ويزيد بن أمية ، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، وطائفة .

                                                                                      وعنه : ابن المبارك ، ووكيع ، وإسحاق الأزرق ، ويونس بن بكير ، ويحيى بن سعيد الأموي ، وعبد الله بن إدريس ، وابن عيينة ، وعبد الرحمن بن مهدي ، والخريبي ، وأبو عاصم ، والفريابي ، وحسين الجعفي ، وأبو نعيم ، وحجاح الأعور ، ويعلى بن عبيد ، وخلق .

                                                                                      روى عنه : أبو حنيفة مع تقدمه ، وقيل : إنه لم يكن مكثرا من الرواية .

                                                                                      قال علي بن المديني : له نحو ثلاثين حديثا . قال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد : قال جدي : هو ثقة ، ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه .

                                                                                      وقال يحيى بن معين : ثقة . وكذا وثقه النسائي ، والدارقطني .

                                                                                      وقال أبو داود : كان رأسا في الإرجاء . ذهب بصره . وقال العجلي : عمر بن ذر القاص كان ثقة بليغا ، يرى الإرجاء ، وكان لين القول فيه . وقال أبو حاتم : صدوق مرجئ لا يحتج بحديثه ، وهو مثل يونس بن أبي إسحاق . وقال في موضع آخر : كان رجلا صالحا ، محله الصدق . وقال الفسوي : ثقة مرجئ . وقال عبد الرحمن بن خراش : كوفي صدوق ، من خيار الناس ، وكان مرجئا .

                                                                                      [ ص: 387 ] وقال أبو الفتح الأزدي : أنبأنا محمد بن عبدة القاضي ، حدثنا علي بن المديني قال : قلت ليحيى القطان : إن عبد الرحمن قال : أنا أترك من أهل الحديث كل رأس في بدعة ، فضحك يحيى وقال : كيف تصنع بقتادة ؟ كيف تصنع بعمر بن ذر ؟ كيف تصنع بابن أبي رواد ؟ ! وعد يحيى قوما أمسكت عن ذكرهم . ثم قال يحيى : إن ترك هذا الضرب ترك حديثا كثيرا .

                                                                                      قال ربعي بن إبراهيم : حدثني جار لنا يقال له عمر : إن بعض الخلفاء سأل عمر بن ذر عن القدر . فقال : هاهنا ما يشغل عن القدر . قال : ما هو ؟ قال : ليلة صبيحتها يوم القيامة . فبكى وبكى معه .

                                                                                      ابن أبي خيثمة ، عن محمد بن يزيد الرفاعي ، سمعت عمي يقول : خرجت مع عمر بن ذر إلى مكة . فكان إذا لبى لم يلب أحد من حسن صوته . فلما أتى الحرم قال : ما زلنا نهبط حفرة ، ونصعد أكمة ، ونعلو شرفا ويبدو لنا علم حتى أتيناك بها ، نقبة أخفافها ، دبرة ظهورها ، ذبلة أسنامها . فليس أعظم المؤنة علينا إتعاب أبداننا ولا إنفاق أموالنا ، ولكن أعظم المؤنة أن نرجع بالخسران ! يا خير من نزل النازلون بفنائه . فحدثني عمي كثير بن محمد قال : سمعت عمر بن ذر يقول : اللهم إنا قد أطعناك في أحب الأشياء إليك أن تطاع فيه : الإيمان بك والإقرار بك ، ولم نعصك في أبغض الأشياء أن تعصى فيه : الكفر والجحد بك ، اللهم فاغفر لنا بينهما ، وأنت قلت : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ونحن نقسم بالله جهد أيماننا لتبعثن من يموت . أفتراك تجمع بين أهل القسمين في دار واحدة ؟ .

                                                                                      قال شعيب بن حرب ، قال عمر بن ذر : يا أهل معاصي الله ، لا تغتروا بطول [ ص: 388 ] حلم الله عنكم ، واحذروا أسفه ، فإنه قال : فلما آسفونا انتقمنا منهم .

                                                                                      وعن عمر بن ذر قال : كل حزن يبلى إلا حزن التائب عن ذنوبه . إبراهيم بن بشار ، حدثنا ابن عيينة قال : كان عمر بن ذر إذا قرأ : مالك يوم الدين قال : يا لك من يوم! ما أملأ ذكرك لقلوب الصادقين! .

                                                                                      حامد بن يحيى ، عن ابن عيينة قال : لما مات ذر بن عمر قعد عمر على شفير قبره ، وهو يقول : يا بني ، شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ، فليت شعري ، ما قلت ، وما قيل لك ؟ اللهم إنك أمرته بطاعتك وببري . فقد وهبت له ما قصر فيه من حقي ، فهب له ما قصر فيه من حقك . وقيل : إنه قال : انطلقنا وتركناك ، ولو أقمنا ما نفعناك ، فنستودعك أرحم الراحمين .

                                                                                      قال محمد بن سعد : قال محمد بن عبد الله الأسدي : توفي عمر بن ذر في سنة ثلاث وخمسين ومائة وكان مرجئا ، فمات فلم يشهده سفيان الثوري ، ولا الحسن بن صالح . وكان ثقة -إن شاء الله- كثير الحديث . وفيها أرخه مطين . وروى أحمد بن صالح ، عن أبي نعيم قال : مات سنة ثنتين وخمسين ومائة وأما إسحاق بن يسار النصيبي ، فروى عن أبي نعيم وفاته سنة خمس وخمسين وأما أحمد بن حنبل وجماعة ، فرووا عن أبي نعيم وفاته سنة ست وخمسين ومائة فهذا أصح . وكذلك قال الفلاس ، وعثمان بن أبي شيبة ، والترمذي . وقال أبو عبيد : مات سنة سبع وخمسين وقيل غير ذلك . احتج به البخاري دون مسلم .

                                                                                      أخبرنا إسحاق بن طارق ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسحاق ، سمعت أبا يحيى محمد بن عبد الرحيم ، سمعت علي بن المديني ، سمعت سفيان [ ص: 389 ] يقول : كان ابن عياش المنتوف يقع في عمر بن ذر ويشتمه . فلقيه عمر ، فقال : يا هذا لا تفرط في شتمنا ، وأبق للصلح موضعا ، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه .

                                                                                      وبه قال أبو نعيم ، حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن ، حدثنا إبراهيم بن أبي الحسين قاضي الكوفة ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا محمد بن صبيح قال : سألت عمر بن ذر : أيها أعجب إليك للخائفين : طول الكمد ، أو إسبال الدمعة ؟ فقال : أما علمت أنه إذا رق فذرى شفي وسلا ؟ وإذا كمد غص فشجى ، فالكمد أعجب إلي لهم .

                                                                                      وعن زكريا بن أبي زائدة قال : كان عمر بن ذر إذا وعظ قال : أعيروني دموعكم .

                                                                                      أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن أحمد بن محمد التيمي ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عمر بن ذر : سمعت أبي يحدث عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لجبريل : ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ فنزلت : وما نتنزل إلا بأمر ربك .

                                                                                      ذكر أبو نعيم الحافظ أنه جمع في عمر بن ذر .

                                                                                      قرأت على عيسى بن يحيى : أخبركم الحسن بن دينار ، أنبأنا السلفي ، أنبأنا أبو عبد الله الثقفي ، أنبأنا علي بن محمد العدل ، أنبأنا علي بن محمد المصري ، حدثنا سليمان بن شعيب ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، حدثنا [ ص: 390 ] عمر بن ذر ، أخبرني مجاهد ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : في حديث ذكره جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أينما كنت ، وإن لم أجد الماء تيممت بالصعيد ثم صليت ، وكانت لي مسجدا وطهورا ، ولم يفعل ذلك بأحد كان قبلي خالد بن عبد الرحمن المخزومي : واه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية