الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
708 741 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=650699أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( nindex.php?page=treesubj&link=31016_25353_29376_16359هل ترون قبلتي هاهنا ، والله ما يخفى علي ركوعكم ولا خشوعكم ، وإني لأراكم من وراء ظهري ) .
709 742 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16770غندر ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، nindex.php?page=hadith&LINKID=650700عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( nindex.php?page=treesubj&link=31016_25353_16359أقيموا الركوع والسجود ، فوالله إني لأراكم من بعدي - وربما قال : من بعد ظهري - إذا ركعتم وإذا سجدتم ) .
قد خرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في ( باب : عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة ) ، وقد سبق الكلام عليهما هناك بما فيه كفاية .
وإنما خرجهما هاهنا ؛ لدلالتهما على الخشوع في الصلاة .
وفي ( صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ) عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=702053 ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة ، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها ، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ، ما لم تؤت كبيرة ، وذلك الدهر كله ) .
روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، قال : هو الخشوع في القلب ، وأن تلين [ ص: 337 ] كنفك للمسلم ، وأن لا تلتفت في صلاتك .
وعنه ، قال : الخشوع خشوع القلب ، وأن لا تلتفت يمينا ولا شمالا .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : خاشعون : خائفون ساكنون .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، قال : كان الخشوع في قلوبهم ، فغضوا له البصر ، وخفضوا له الجناح .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، قال : هو الخشوع في القلب ، والسكون في الصلاة .
وعنه ، قال : هو خفض الجناح وغض البصر ، وكان المسلمون إذا قام أحدهم في الصلاة خاف ربه أن يلتفت عن يمينه وشماله .
وعنه ، قال : العلماء إذا قام أحدهم في الصلاة هاب الرحمن عز وجل أن يشذ نظره ، أو يلتفت ، أو يقلب الحصى ، أو يعبث بشيء ، أو يحدث نفسه بشيء من الدنيا ، إلا ناسيا ، ما دام في صلاته .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، قال : هو سكون العبد في صلاته .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال : يعني متواضعين ، لا يعرف من عن يمينه ، ولا من عن شماله ، ولا يلتفت من الخشوع لله عز وجل .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ، أنه رأى رجلا يعبث في صلاته ، فقال : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب .
[ ص: 338 ] وروي مرسلا .
فأصل الخشوع : هو خشوع القلب ، وهو انكساره لله ، وخضوعه وسكونه عن التفاته إلى غير من هو بين يديه ، فإذا خشع القلب خشعت الجوارح كلها تبعا لخشوعه ؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه : nindex.php?page=hadith&LINKID=72796 ( خشع لك سمعي ، وبصري ، ومخي ، وعظامي ، وما استقل به قدمي ) .
ومن جملة خشوع الجوارح خشوع البصر أن يلتفت عن يمينه أو يساره ، وسيأتي حديث الالتفات في الصلاة ، وأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ، فيما بعد إن شاء الله تعالى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : nindex.php?page=hadith&LINKID=910403كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في الصلاة عن يمينه وعن يساره ، فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون فخشع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن يلتفت يمنة ولا يسرة .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
والمرسل أصح .
والظاهر : أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إنما ذكر الخشوع في هذا الموضع ؛ لأن كثيرا من الفقهاء والعلماء يذكرون في أوائل الصلاة : أن المصلي لا يجاوز بصره موضع سجوده ، وذلك من جملة الخشوع في الصلاة .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أم المؤمنين ، قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=678137كان الناس في [ ص: 339 ] عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصره موضع قدمه ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصره موضع جبينه ، فتوفي أبو بكر فكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فكانت الفتنة ، فالتفت الناس يمينا وشمالا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : كانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : كان يستحب أن يقع الرجل بصره في موضع سجوده .
وفسر nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة الخشوع في الصلاة بذلك ، وقال مسلم بن يسار : هو حسن .
وفيه حديثان مرفوعان ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، ولا يصح إسنادهما .
وأكثر العلماء على أنه يستحب للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والحسن بن حي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يستحب أن يكون بصره أمام قبلته ، قال : وأكره ما يصنع الناس من النظر إلى موضع سجودهم وهم قيام .
وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16100شريك بن عبد الله ، قال : ينظر في قيامه إلى موضع قيامه ، وإذا ركع إلى قدميه ، وإذا سجد إلى أنفه ، وإذا قعد إلى حجره .
واستحب ذلك بعض أصحابنا وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
قال أصحابنا : ويستحب إذا جلس للتشهد أن لا يجاوز بصره أصبعه ؛ لما روى nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير nindex.php?page=hadith&LINKID=696363أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في التشهد أشار بالسبابة ، ولم يجاوز بصره إشارته .
[ ص: 340 ] خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
وحكى أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري في كتبهم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، أنه قال : إذا قام في الصلاة فليكن بصره حيث يسجد إن استطاع ، قال : وينظر في ركوعه إلى حيث يسجد - ومنهم من قال : إلى ركبتيه - ويكون نظره في سجوده إلى طرف أنفه .
وبكل حال ؛ فهذا مستحب ، ولا تبطل الصلاة بالإخلال به ، ولا باستغراق القلب في الفكر في أمور الدنيا ، وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وغيره الإجماع على ذلك ، وقد خالف فيه بعض المتأخرين من أصحابنا والشافعية .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن الحكم ، قال : من تأمل من عن يمينه أو عن شماله حتى يعرفه فليس له صلاة .
وهذا يرجع إلى الالتفات ، ويأتي ذكره في موضعه إن شاء الله سبحانه وتعالى .
وحكي عن ابن حامد من أصحابنا : أن nindex.php?page=treesubj&link=1587_25355عمل القلب في الصلاة إذا طال أبطل الصلاة كعمل البدن .
وهذا يرده حديث تذكير الشيطان المرء في صلاته حتى يظل لا يدري كم صلى ، وأمره أن يسجد سجدتين ، ولم يأمره بالإعادة .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث الفضل بن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=662721 ( الصلاة مثنى مثنى ، تشهد في كل ركعتين ، وتخشع وتضرع ، [ ص: 341 ] وتمسكن ، وتقنع يديك - يقول : ترفعهما إلى ربك - مستقبلا ببطونهما وجهك ، وتقول : يا رب يا رب ، وإن لم تفعل ذلك فهو كذا وكذا ) .
وهذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .
nindex.php?page=showalam&ids=12251وللإمام أحمد : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=697713وتقول : يا رب ثلاثا ، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج ) .
وفي إسناده اختلاف .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وعندهما : عن المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : هو إسناد حسن .
وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقال : لا يصح .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : فيه نظر .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني أراكم من وراء ظهري ) ، فليس المراد منه : أنه كان يلتفت ببصره في صلاته إلى من خلفه حتى يرى صلاتهم ، كما ظنه بعضهم ، وقد رد nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد على من زعم ذلك ، وأثبت ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وآياته ومعجزاته ، وقد سبق ذكر كلامه في ذلك .