الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل السابع : الفرق بين الحقيقة والمجاز ، وأقسامهما .

                                                                                                                فالحقيقة هي : استعمال اللفظ فيما وضع له في العرف الذي وقع به التخاطب ، وهي أربعة : لغوية كاستعمال الإنسان في الحيوان الناطق ، وشرعية كاستعمال لفظ الصلاة في الأفعال المخصوصة ، وعرفية عامة كاستعمال لفظ [ ص: 61 ] الدابة في الحمار ، وخاصة نحو استعمال لفظ الجوهر في المتحيز الذي لا يقبل القسمة .

                                                                                                                والمجاز : استعمال اللفظ في غير ما وضع له في العرف الذي وقع به التخاطب لعلاقة بينهما .

                                                                                                                وهو ينقسم بحسب الواضع إلى أربعة : مجاز لغوي : كاستعمال الأسد في الرجل الشجاع ، وشرعي : كاستعمال لفظ الصلاة في الدعاء ، وعرفي عام : كاستعمال لفظ الدابة في مطلق ما اتصف بالدبيب ، وخاص : كاستعمال لفظ الجوهر في النفيس .

                                                                                                                وبحسب الموضوع له إلى : مفرد نحو قولنا أسد ، للرجل الشجاع ، وإلى : مركب كقوله : أشاب الصغير وأفنى الكبيـ ـر كر الغداة ومر العشي

                                                                                                                فالمفردات حقيقة ، وإسناد الإشابة والإفناء إلى الكر والمر مجاز في التركيب .

                                                                                                                وإلى مفرد ومركب نحو قولهم : أحياني اكتحالي بطلعتك ، فاستعمال الإحياء والاكتحال في السرور والرؤية مجاز في الإفراد ، وإضافة الإحياء إلى الاكتحال مجاز في التركيب ، فإنه مضاف إلى الله تعالى .

                                                                                                                وبحسب هيئته إلى الخفي : كالأسد للرجل الشجاع ، والجلي الراجح كالدابة للحمار .

                                                                                                                وهاهنا دقيقة ، وهي أن كل مجاز راجح منقول ، وليس كل منقول مجازا راجحا ، فالمنقول أعم مطلقا ، والمجاز الراجح أخص مطلقا .

                                                                                                                فرع : كل محل قام به معنى وجب أن يشتق له من لفظ ذلك المعنى لفظ ، ويمتنع الاشتقاق لغيره خلافا للمعتزلة في الأمرين .

                                                                                                                [ ص: 62 ] فإن كان الاشتقاق باعتبار قيامه في الاستقبال ، فهو مجاز إجماعا نحو تسمية العنب بالخمر ، أو باعتبار قيامه في الحال ، فهو حقيقة إجماعا نحو تسمية الخمر خمرا .

                                                                                                                أو باعتبار الماضي ، ففي كونه حقيقة ، أو مجازا مذهبان أصحهما المجاز . هذا إذا كان محكوما به أما إذا كان متعلق الحكم ، فهو حقيقة مطلقا نحو : فاقتلوا المشركين .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية