الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1082 - مسألة : وكل من ملك حيوانا وحشيا حيا أو مذكى أو بعض صيد الماء كذلك فهو له كسائر ماله بلا خلاف ، فإن أفلت وتوحش وعاد إلى البر أو البحر فهو باق على ملك مالكه أبدا ، ولا يحل لسواه إلا بطيب نفس مالكه ، وكذلك كل ما تناسل من الإناث من ذلك أبدا . لقول الله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } . ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } . وهذا مال من ماله بإجماع المخالفين معنا فلا يحل لسواه إلا بما يحل به سائر ماله . وهو قول جمهور الناس . وقال مالك : إذا توحش فهو لمن أخذه - وهذا قول بين الفساد مخالف للقرآن ، والسنة ، والنظر ، وهم لا يختلفون في أنهم إن أفلت فأخذ من يومه ، أو من الغد فلا يحل لغير مالكه فليبينوا لنا الحد الذي إذا بلغه خرج به عن ملك مالكه ولا سبيل له إليه . ويسألون عمن ملك وحشيا فتناسل عنده ثم شرد نسلها ؟ فإن قالوا : يسقط ملكه عنه - لزمهم ذلك في كل حيوان في العالم ، لأن جميعها في أول خلق الله تعالى لها كانت غير متملكة ثم ملكت وكذلك القول في حمام الأبراج ، والنحل كل ما ميز فهو ونسله لمالكه أبدا لما ذكرنا . وقول مالك الذي ذكرنا ، وقول الليث : من ترك دابته بمضيعة فهي لمن وجدها لا ترد إلى صاحبها - وكقول الليث ، أو غيره من نظرائه : ما عطب في البحر من السفن فرمى البحر متاعا مما غرق فيها فهو لمن أخذه لا لصاحبه ، ولو قامت له بكل ذلك بينة عدل وهذه أقوال فاسدة ظاهرة البطلان ، لأنه إيكال مال مسلم ، أو ذمي بالباطل .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية