الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 381 ] ذكر الخبر الدال على أن الرقاد الذي هو النعاس لا يوجب على من وجد فيه وضوءا ، وأن النوم الذي هو زوال العقل يوجب على من وجد فيه وضوءا

                                                                                                                          1100 - أخبرنا أبو يعلى حدثنا هارون بن معروف حدثنا سفيان عن عاصم عن زر ، قال : أتيت صفوان بن عسال المرادي ، فقال لي : ما حاجتك ؟ قلت له : ابتغاء العلم ، قال : فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب ، قلت : حك في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول ، وكنت امرأ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتيتك أسألك : هل سمعت منه في ذلك شيئا ؟ قال : نعم ، كان يأمرنا إذا كنا في سفر أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام [ ص: 382 ] ولياليهن إلا من جنابة ، لكن من غائط وبول ونوم .

                                                                                                                          [ ص: 383 ] قال أبو حاتم : الرقاد له بداية ونهاية ، فبدايته النعاس الذي هو أوائل النوم ، وصفته أن المرء إذا كلم فيه يسمع ، وإن أحدث علم ، إلا أنه يتمايل تمايلا . ونهايته زوال العقل ، وصفته أن المرء إذا أحدث في تلك الحالة لم يعلم ، وإن تكلم لم يفهم . فالنعاس لا يوجب الوضوء على أحد قليله وكثيره على أي حالة كان الناعس ، والنوم يوجب الوضوء على من وجد على أي حالة كان النائم . على أن اسم النوم قد يقع على النعاس ، والنعاس على النوم ، ومعناهما مختلفان ، والله عز وجل فرق بينهما بقوله : لا تأخذه سنة ولا نوم ، ولما قرن صلى الله عليه وسلم في خبر صفوان بين النوم ، والغائط ، والبول ، في إيجاب الوضوء منها ، ولم يكن بين البول والغائط فرقان ، وكان كل واحد منهما قليل أحدهما أو كثيره أوجب عليه الطهارة ، سواء كان البائل قائما ، أو قاعدا ، أو راكعا ، أو ساجدا ، كان كل من نام بزوال العقل ، وجب عليه الوضوء ، سواء اختلفت أحواله ، أو اتفقت ، لأن العلة فيه زوال العقل لا تغير الأحوال عليه ، كما أن العلة في الغائط والبول وجودهما لا تغير أحوال البائل والمتغوط فيه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية