الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن أوقع الطلاق والظهار معا

                                                                                                                                                                                        ومن قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، وهي علي كظهر أمي فتزوجها، لزماه جميعا: الطلاق والظهار.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا قال ذلك في مجلسين وبدأ بالطلاق أو بالظهار؛ لأن اليمين الأول لم تقع على زوجته ولم توجب طلاقا، وإنما هي معلقة بما يتزوج في المستقبل، فإذا تزوج وقعا معا، ولا يقال أن أحدهما سبق الآخر، ولو قال ذلك في زوجة في عصمته لم يدخل بها، وابتدأ بالطلاق، فقال: أنت طالق وأنت علي كظهر أمي لزمه الطلاق دون الظهار، وفرق بين ذلك، وبين قوله أنت طالق، وأنت طالق، فقال: يلزمه تطليقتان، وإن كانت الطلقة الثانية عطفت على مطلقة بانت، ولو كانت مدخولا بها فقال لها: أنت طالق، وأنت علي كظهر أمي، لزماه جميعا لأن الظهار ينعقد لو انفرد على المطلقة طلاقا رجعيا، ولو قال: أنت طالق ثلاثا وأنت علي كظهر أمي لزمه الطلاق دون الظهار، وكانت كالتي لم يدخل بها إلا أن يقدم الظهار في السؤالين جميعا، فيلزمه الطلاق والظهار. [ ص: 2308 ]

                                                                                                                                                                                        وقوله في الظهار بعد الطلاق حسن لقول الله سبحانه: الذين يظاهرون منكم من نسائهم [المجادلة: 2] ، وهذه بنفس الطلاق قد خرجت من أن تكون من نسائهم وصارت بنفس الطلاق عليه كظهر أمه، وكذلك ينبغي أن يكون الجواب إذا قال: أنت طالق وأنت طالق: لأنها قد خرجت من العصمة بنفس الطلاق الأول، ووقعت الثانية على غير زوجة، وإلى هذا ذهب إسماعيل القاضي.

                                                                                                                                                                                        ولو علق ذلك بالتي في عصمته بيمين، فقال: إن دخلت الدار فأنت طالق، وأنت علي كظهر أمي، ثم دخل لزمه الطلاق والظهار، وكذلك لو قال: أنت طالق إن دخلت الدار، ثم قال بعد شهر: أنت علي كظهر أمي إن دخلت الدار أو كلمت فلانا؛ لأن اليمين بالظهار وقعت، والزوجة في العصمة، فلزماه جميعا، وإن لم يكن دخل بها. [ ص: 2309 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية