الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6675 [ ص: 345 ] 13 - باب: إذا بقي في حثالة من الناس

                                                                                                                                                                                                                              7086 - حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، حدثنا حذيفة قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا : " أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة" . وحدثنا عن رفعها قال : "ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه ، فيظل أثرها مثل أثر الوكت ، ثم ينام النومة فتقبض ، فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل ، كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء ، ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة ، فيقال : إن في بني فلان رجلا أمينا . ويقال للرجل : ما أعقله ، وما أظرفه ، وما أجلده . وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان " . ولقد أتى علي زمان ولا أبالي أيكم بايعت ، لئن كان مسلما رده علي الإسلام ، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه ،

                                                                                                                                                                                                                              وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا" .
                                                                                                                                                                                                                              [انظر : 6497 - مسلم : 143 - فتح: 13 \ 38 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث حذيفة قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا : "أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال " الحديث بطوله ، وقد سلف في الرقاق سندا ومتنا (سواء ، فراجعه ) ، وهو من أعلام نبوته ؛ لأن فيه الإخبار عن فساد أديان الناس وقلة أمانتهم في آخر الزمان ، ولا سبيل إلى معرفة ذلك قبل كونه إلا من طريق الوحي ، وهذا كقوله - عليه السلام - : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ " . وروى ابن وهب ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمر مولى المطلب ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن [ ص: 346 ] أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو : "كيف بك يا عبد الله إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأمانتهم واختلفوا فصاروا هكذا ؟ " وشبك بين أصابعه ، قال : قلت : يا رسول الله ، فما تأمرني ؟ قال : "عليك بخاصتك ودع عنك عوامهم " .

                                                                                                                                                                                                                              ومن هذا الحديث ترجم البخاري الباب -والله أعلم - وأدخل معناه في حديث حذيفة ، ولم يذكر الحديث بنص الترجمة ؛ لأنه لم يخرج عن العلاء في كتابه شيئا ، وقد سبق التنبيه عليه هناك أيضا .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              سلف هناك أن الجذر -بفتح الجيم وكسرها . محكي .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : "ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة " . يعني : الصحابة

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (وحدثنا عن رفعها ) . فقال : أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة ، وآخر ما يبقى الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (ما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا ) . يذكر أنه بقي الخير في بعض الناس ، وهو دال أن الخير يتلاشى شيئا فشيئا .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (ما أظرفه ) . أي : ما أذكى قلبه .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة : مات حذيفة سنة ست وثلاثين بعد موت عثمان بأشهر .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية