الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1426 ) مسألة ; قال : ( ومن فاتته صلاة العيد صلى أربع ركعات ، كصلاة التطوع ، وإن أحب فصل بسلام بين كل ركعتين ) . وجملته أن من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه ; لأنها فرض كفاية ، قام بها من حصلت الكفاية به ، فإن أحب قضاءها فهو مخير ، إن شاء صلاها أربعا ، إما بسلام واحد وإما بسلامين .

                                                                                                                                            وروي هذا عن ابن مسعود ، وهو قول الثوري ; وذلك لما روى عبد الله بن مسعود ، أنه قال : من فاته العيد فليصل أربعا ، ومن فاتته الجمعة فليصل أربعا . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : إن أمرت رجلا أن يصلي بضعفة الناس ، أمرته أن يصلي أربعا . رواهما سعيد . قال أحمد ، رحمه الله : يقوي ذلك حديث علي ، أنه أمر رجلا يصلي بضعفة الناس أربعا ، ولا يخطب .

                                                                                                                                            ولأنه قضاء صلاة عيد ، فكان أربعا كصلاة الجمعة ، وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع . وهذا قول الأوزاعي لأن ذلك تطوع . وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير . نقل ذلك عن أحمد إسماعيل بن سعيد ، واختاره الجوزجاني .

                                                                                                                                            وهذا قول النخعي ، ومالك ، والشافعي ، وأبي ثور وابن المنذر ; لما روي عن أنس ، أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه ، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلى بهم ركعتين ، يكبر فيهما . ولأنه قضاء صلاة ، فكان على صفتها ، كسائر الصلوات ، وهو مخير ، إن شاء صلاها وحده ، وإن شاء في [ ص: 125 ] جماعة . قيل لأبي عبد الله : أين يصلي ؟ قال : إن شاء مضى إلى المصلى ، وإن شاء حيث شاء .

                                                                                                                                            ( 1427 ) فصل : وإن أدرك الإمام في التشهد جلس معه ، فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعتين ، يأتي فيهما بالتكبير ; لأنه أدرك بعض الصلاة التي ليست مبدلة من أربع ، فقضاها على صفتها كسائر الصلوات . وإن أدركه في الخطبة ، فإن كان في المسجد صلى تحية المسجد ; لأنها إذا صليت في خطبة الجمعة التي يجب الإنصات لها ، ففي خطبة العيد أولى ، ولا يكون حكمه في ترك التحية حكم من أدرك العيد . وقال القاضي : يجلس فيستمع الخطبة ، ولا يصلي ; لئلا يشتغل بالصلاة عن استماع الخطبة .

                                                                                                                                            وهذا التعليل يبطل بالداخل في خطبة الجمعة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الداخل بالركوع ، مع أن خطبة الجمعة آكد . فأما إن لم يكن في المسجد ، فإنه يجلس فيستمع ، ثم إن أحب قضى صلاة العيد ، على ما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية