الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يصلي على من قتل نفسه ، ولا على من غل من الغنيمة .

واختلف عنه في الصلاة على المقتول حدا ، كالزاني المرجوم ، فصح عنه ( أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على الجهنية التي رجمها ، فقال عمر تصلي عليها يا رسول الله وقد [ ص: 497 ] زنت ؟ فقال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى ) ذكره مسلم .

وذكر البخاري في " صحيحه " قصة ماعز بن مالك ، وقال : فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا وصلى عليه ، وقد اختلف على الزهري في ذكر الصلاة عليه ، فأثبتها محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عنه ، وخالفه ثمانية من أصحاب عبد الرزاق ، فلم يذكروها ، وهم إسحاق بن راهويه ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ونوح بن حبيب ، والحسن بن علي ، ومحمد بن المتوكل ، وحميد بن زنجويه ، وأحمد بن منصور الرمادي .

قال البيهقي : وقول محمود بن غيلان : إنه صلى عليه ، خطأ لإجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه ، ثم إجماع أصحاب الزهري على خلافه .

وقد اختلف في قصة ماعز بن مالك ، فقال أبو سعيد الخدري : ما استغفر له ولا سبه ، وقال بريدة بن الحصيب : إنه قال : ( استغفروا لماعز بن مالك ) ، فقالوا : غفر الله لماعز بن مالك . ذكرهما مسلم .

وقال جابر : فصلى عليه ، ذكره البخاري ، وهو حديث عبد الرزاق المعلل ، وقال أبو برزة الأسلمي : لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ينه عن الصلاة عليه ، ذكره أبو داود .

[ ص: 498 ] قلت : حديث الغامدية لم يختلف فيه أنه ( صلى عليها ) . وحديث ماعز إما أن يقال لا تعارض بين ألفاظه ، فإن الصلاة فيه هي دعاؤه له بأن يغفر الله له ، وترك الصلاة فيه هي تركه الصلاة على جنازته تأديبا وتحذيرا ، وإما أن يقال إذا تعارضت ألفاظه ، عدل عنه إلى حديث الغامدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية