الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            الباب الثالث

                                                                                                                                                                                                                                            في اللطائف المستنبطة من قولنا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

                                                                                                                                                                                                                                            النكتة الأولى : في قوله ( أعوذ بالله ) عروج من الخلق إلى الخالق ، ومن الممكن إلى الواجب : وهذا هو الطريق المتعين في أول الأمر ؛ لأن في أول الأمر لا طريق إلى معرفته إلا بأن يستدل باحتياج الخلق على وجود الحق الغني القادر ، فقوله : ( أعوذ ) إشارة إلى الحاجة التامة ، فإنه لولا الاحتياج لما كان في الاستعاذة فائدة وقوله ( بالله ) إشارة إلى الغنى التام للحق ، فقول العبد ( أعوذ ) إقرار على نفسه بالفقر والحاجة وقوله ( بالله ) إقرار بأمرين .

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما بأن الحق قادر على تحصيل كل الخيرات ودفع كل الآفات .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني أن غيره غير موصوف بهذه الصفة فلا دافع للحاجات إلا هو ولا معطي للخيرات إلا هو ، فعند مشاهدة هذه الحالة يفر العبد من نفسه ومن كل شيء سوى الحق فيشاهد في هذا الفرار سر قوله : ( ففروا إلى الله ) [ الذاريات : 50 ] وهذه الحالة تحصل عند قوله ( أعوذ ) ثم إذا وصل إلى غيبة الحق وصار غريقا في نور جلال الحق شاهد قوله : " قل الله ثم ذرهم " فعند ذلك يقول : ( أعوذ بالله ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية