الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الخامس‏ : إذا أراد رواية ما سمعه على معناه دون لفظه‏ :

فإن لم يكن عالما عارفا بالألفاظ ومقاصدها ، خبيرا بما يحيل معانيها ، بصيرا بمقادير التفاوت بينها ، فلا خلاف أنه لا يجوز له ذلك ، وعليه أن لا يروي ما سمعه إلا على اللفظ الذي سمعه من غير تغيير‏ . ‏

[ ص: 214 ] فأما إذا كان عالما عارفا بذلك ، فهذا مما اختلف فيه السلف ، وأصحاب الحديث ، وأرباب الفقه ، والأصول‏ ، فجوزه أكثرهم ، ولم يجوزه بعض المحدثين ، وطائفة من الفقهاء ، والأصوليين من الشافعيين ، وغيرهم‏ . ‏

ومنعه بعضهم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأجازه في غيره‏ . ‏

والأصح‏ : جواز ذلك في الجميع ، إذا كان عالما بما وصفناه قاطعا بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه ; لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة ، والسلف الأولين‏ ، وكثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في أمر واحد بألفاظ مختلفة ، وما ذلك إلا لأن معولهم كان على المعنى دون اللفظ‏ . ‏

ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا - ولا أجراه الناس فيما نعلم - فيما تضمنته بطون الكتب ، فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ، ويثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه ، فإن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص ، لما كان عليهم في ضبط الألفاظ ، والجمود عليها من الحرج والنصب ، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق ، والكتب ، ولأنه إن ملك تغيير اللفظ ، فليس يملك تغيير تصنيف غيره ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية