الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ رد الحديث بكونه مما تعم البلوى به ] ولا يضره كونه مما تعم به البلوى خلافا لأكثر الحنفية ، وأبي عبد الله البصري . حكاه صاحب " الواضح " ، ولابن خويز الخارجي حكاه الباجي ، ونقله صاحب " الكبريت الأحمر " عن ابن سريج ، وبنى الحنفية على هذا رد خبر الواحد في نقض الوضوء بمس الذكر ، والجهر بالبسملة ، ورفع اليدين عند الهوي إلى الركوع والرفع منه ، [ ص: 258 ] وإيجاب قراءة الفاتحة خلف الإمام ، والإفراد في الإقامة ، وغير ذلك ، فإنه مما تعم به البلوى ، فحقه الاشتهار . وقال الكرخي : كل شرط لا تتم صلاته إلا به يجب نقله ، كالقبلة التي ظهر نقلها نقل الصلاة ، وما يعرض للصلاة أحيانا ، فنقله لا يجب أن يكون شائعا . قال الشيخ أبو حامد الإسفراييني في تعليقه : ومعنى قولنا : تعم به البلوى : أن كل أحد يحتاج إلى معرفته ، وقال صاحب الواضح " : معناه أن يكون مشتركا غير خاص .

                                                      [ تحقيق إلكيا الطبري للمسألة ] قال إلكيا الطبري : والحق في هذه المسألة أن الأخبار على قسمين : أحدهما : يلزم الكافة علمه ، فذلك يجب ظهوره لا محالة . والثاني : ما يلزم أفراد الناس من العلماء العلم به دون العامة ، والعامة كلفوا العمل به دون العلم ، أو لم يكلفوا بأسرهم العمل به ، نحو ما يرجع العوام فيه إلى العلماء من الحوادث في إقامة الحد وغيره . فيجوز أن تعم به البلوى ، ولكن العامي فيه مأمور بالرجوع إلى العالم ، وإذا ظهر للعالم لم يجب نقله إليه ، وأما إذا كان الخبر عن شيء اشتهر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكرات ، كالجهر بالبسملة ، وكان الناقل منفردا ففيه خلاف ، والأكثرون [ ص: 259 ] على رده ، ولأجله قالوا : إنه عليه السلام كان يجهر مرة ، ويخافت أخرى ، وهذا مردود ; لأن هذا الوجه لم ينقل أصلا ، وقد يقال : لعل ذلك لم يكن من عظام العزائم ، وأمهات المهمات من حيث الجواز ، فقل الاعتناء به .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية