الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: وهي تجري بهم في موج كالجبال ؛ قيل: إن السماء والأرض التقى ماؤهما؛ فطبق بينهما؛ وجرت السفينة في ذلك الماء.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: وهي تجري بهم في موج كالجبال ؛ إن الموج لا يكون إلا فوق الماء؛ وجاء في التفسير أن الماء جاوز كل شيء خمسة عشر ذراعا .

                                                                                                                                                                                                                                        قال الله - عز وجل -: فالتقى الماء على أمر قد قدر ؛ فجائز أن يكون يلتقي ماء السماء؛ وماء الأرض؛ وما يطبق ما بينهما؛ وجائز أن يطبق ما بينهما؛ و"الموج": تموج الماء؛ وأكثر ما يعرف تكونه في علو الماء .

                                                                                                                                                                                                                                        وجائز أن يتموج داخل الماء؛ والرواية في السفينة أكثر ما قيل في طولها أنه كان ألفا ومائتي ذراع؛ وقيل: "ستمائة ذراع"؛ وقيل: إن نوحا بعث وله أربعون سنة؛ ولبث في قومه كما قال الله - جل ثناؤه - ألف سنة إلا خمسين عاما ؛ وعمل السفينة في خمسين سنة؛ ولبث بعد الطوفان ستين سنة.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 54 ] ونادى نوح ابنه وكان في معزل ؛ يجوز أن يكون كان في معزل من دينه؛ أي: دين أبيه؛ ويجوز أن يكون - وهو أشبه - أن يكون في معزل من السفينة - يا بني اركب معنا ؛ الكسر أجود القراءة؛ أعني كسر الياء؛ ويجوز كسرها؛ وفتحها؛ من جهتين؛ إحداهما أن الأصل: "يا بنيي"؛ والياء تحذف في النداء؛ أعني ياء الإضافة؛ وتبقى الكسرة تدل عليها .

                                                                                                                                                                                                                                        ويجوز أن تحذف الياء لسكون الراء من "اركب"؛ وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ؛ والفتح من جهتين؛ الأصل: "يا بنيا"؛ فتبدل الألف من ياء الإضافة؛ العرب تقول: "يا غلاما أقبل"؛ ثم تحذف الألف لسكونها؛ وسكون الراء؛ ويقر في الكتاب على حذفها في اللفظ .

                                                                                                                                                                                                                                        ويجوز أن تحذف ألف النداء؛ كما تحذف ياء الإضافة؛ وإنما حذفت ياء الإضافة وألف الإضافة في النداء؛ كما يحذف التنوين؛ لأن ياء الإضافة زيادة في الاسم؛ كما أن التنوين زيادة فيه؛ ويجوز وجه آخر؛ لم يقرأ به؛ وهو إثبات الياء؛ "يا بنيي"؛ وهذه تثقل لاجتماع الياءات.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية