الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6801 [ ص: 621 ] 2 - باب: تمني الخير ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لو كان لي أحد ذهبا "

                                                                                                                                                                                                                              7228 - حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، سمع أبا هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو كان عندي أحد ذهبا لأحببت أن لا يأتي ثلاث وعندي منه دينار ، ليس شيء أرصده في دين علي أجد من يقبله" . [انظر : 2389 - مسلم : 991 - فتح: 13 \ 217 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -بلفظ : "لو كان عندي أحد ذهبا لأحببت أن لا يأتي علي ثلاث وعندي منه دينار ، ليس شيء أرصده في دين علي أجد من يقبله " .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح : فيه أيضا تمني الخير وأفعال البر ؛ لأنه - عليه السلام - تمنى لو كان مثل أحد ذهبا لأحب أن ينفقه في الطاعة قبل أن يأتي عليه ثلاث ، قال : وقد تمنى الصالحون ما يمكن كونه وما لا يمكن كونه حرصا منهم على الخير ، فتمنى بنو الزبير منازل من الدنيا ؛ لينفذ أقوالهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

                                                                                                                                                                                                                              وروي أن عبد الله وعروة ومصعبا بني الزبير بن العوام اجتمعوا عند الكعبة ، فقال : عبد الله أحب أن لا أموت حتى أكون خليفة بالحجاز ، وقال مصعب : أحب أن إلي العراقين : الكوفة والبصرة ، وأتزوج سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة ، وقال عروة : لكني أسأل الله الجنة ، فصار عبد الله ومصعب إلى ما تمنيا ورئي أن عروة صار إلى الجنة إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروي بدله ابن عمر ، وروي أنه كان معهم بدل عروة عبد الملك بن مروان ، وتمنى أن لا يميته حتى يوليه شرق الأرض وغربها ولا ينازعه [ ص: 622 ] أحد إلا أتى برأسه .

                                                                                                                                                                                                                              وما تمنوه مما لا سبيل إلى كونه تصغيرا لأنفسهم وتحقيرا لأعمالهم ، فتمنوا أنهم لم يخلقوا وأنهم أقل الموجودات ، تمنى الصديق أن يكون (بحفرة تأكله الذئاب ) ، وتمنى عمر أن يكون تبنة من الأرض فقال : يا ليتني كنت هذه ، ليتني لم أك شيئا ، ليت أمي لم تلدني ، ليتني كنت نسيا منسيا ، وقرأ عمر - رضي الله عنه - : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا [الإنسان : 1 ] ، فقال : يا ليتها تمت .

                                                                                                                                                                                                                              قال عمران بن حصين : وددت أني رماد على أكمة تسفيني الرياح في يوم عاصف .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو ذر - رضي الله عنه - : وددت أن الله خلقني شجرة تقضم .

                                                                                                                                                                                                                              ومرت عائشة - رضي الله عنها - بشجرة فقالت : يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 623 ] وقال أبو عبيدة : وددت أني كبش فذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحسون مرقي .

                                                                                                                                                                                                                              وإنما حملهم على ذلك شدة الخوف من المساءلة والعرض عليه ، وعلى قدر العلم بالله تكون الخشية منه ، ولذلك قال الفضيل : من مقت نفسه في الله آمنه الله من مقته .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية